الدابر (١). وقيل: هو من دبر الليل والنهار إذا خلفه. كما جمعت فعلة على" فعل " جمعت" فعلى "عليها. أي: لإحدى البلايا الكبر. و {نَذِيراً} تمييز من" إحدى "على معنى: إنها لإحدى الأمور العظائم؛ كما تقول: هي إحدى النساء عفافا.
وقيل:" نذيرا "متصل بأول السورة في قوله: {يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ} نذيرا، وهو من بدع التفاسير. وقرئ" نذير "بالرفع (٢) خبر بعد خبر.
{لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ (٣٧) كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (٣٨) إِلاّ أَصْحابَ الْيَمِينِ (٣٩) فِي جَنّاتٍ يَتَساءَلُونَ (٤٠) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (٤١) ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (٤٢) قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (٤٤) وَكُنّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ (٤٥) وَكُنّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (٤٦) حَتّى أَتانَا الْيَقِينُ (٤٧) فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشّافِعِينَ (٤٨) فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (٤٩) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (٥٠) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (٥١) بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً (٥٢)}
{أَنْ يَتَقَدَّمَ} مرفوع بالابتداء. و {لِمَنْ شاءَ} خبر مقدم عليه؛ كقولك لمن توضأ أن يصلي.
والمراد السبق إلى الخير والتأخر (٣٢١ /ب) عنه. ويجوز أن يكون {لِمَنْ شاءَ} بدلا من {لِلْبَشَرِ}.
وليست الرهينة تأنيثا ل" رهين "؛ لأن فعيلا بمعنى مفعول يستوي فيه المذكر والمؤنث وإنما هي اسم للرهن؛ كالشتيمة بمعنى الشتم؛ كأنه قيل: كل نفس بما كسبت رهن معناه {إِلاّ أَصْحابَ الْيَمِينِ} فكوا رقابهم بعمل الطاعات واجتناب المعاصي. وقيل: المراد الأطفال؛ لأنهم لا أعمال لهم يرتهنون بها. وقيل: الملائكة، وتنكير" جنات "لتهويل أمرها.
والقياس: يتساءلون المجرمين: ما سلككم، إلا أن الكلام جيء به على الحذف والاختصار، ونظيره: {قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ} (٣). والواهب هو الله - تعالى - وإنما هو
= (٦/ ٤١٩)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٦٥٩)، معاني القرآن للفراء (٣/ ٢٠٤)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣٩٣).
(١) زيادة من الكشاف للزمخشري (٤/ ٦٥٣) غير واضحة بالأصل.
(٢) قرأ بها أبي بن كعب وابن أبي عبلة. تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٨/ ٣٧٩)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٤٢٠)، فتح القدير (٥/ ٣٣١)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٦٥٣)، معاني القرآن للفراء (٣/ ٢٠١).
(٣) سورة مريم، الآية (١٩).