{الْمَفَرُّ} موضع الفرار. {لا وَزَرَ} لا ملجأ. وكل ما التجأت إليه من جبل أو حصن فهو وزرك. {إِلى رَبِّكَ} خاصة لتقديم المجرور.
{يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ} أي: يرجع كل أحد إلى ما استقر عليه حكم الله.
{بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ} من عمل عمله وبما أخر فلم يعمله. وقيل: بما قدم من ماله فتصدق به أو أخره منه فورث عينه. وقيل: ما قدم من عمل الخير والشر.
{بَصِيرَةٌ} حجة بينة وصفت بالبصارة مجازا؛ كقوله: {وَآتَيْنا ثَمُودَ النّاقَةَ مُبْصِرَةً} (١) أو عين بصيرة. والمعنى: أنه ينبأ بأعماله وإن لم ينبأ ففيه ما يجزئ عن الإنباء؛ لأن نفسه شاهدة عليه بما عملت؛ لأن جوارحه تشهد عليه. {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ} الآية (٢) (٣٢٣ /أ).
{وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ (١٥) لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧) فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (١٨) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ (١٩) كَلاّ بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ (٢٠) وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ (٢١) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ (٢٢) إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ (٢٣) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ (٢٤) تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ (٢٥)}
{وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ} ولو أكثر من الجدال والمحاجة لم ينفعه ذلك. وقيل: المعاذير: الستور، واحدها: معذار؛ لأنه يمنع رؤية المحتجب كما تمنع المعذرة عقوبة المعتذر. فإن قلت:
القياس أن يجمع معذار على معاذر؟
قلت: ليست المعاذير جمع معذار ولكنها اسم جمع، ونحوه: المناكير في المنكر. والضمير في" به "للقرآن. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لقن الوحي نازع جبريل القراءة ولم يصبر إلى أن يتمها مسارعة إلى الحفظ وخوفا أن يتفلت منه فأمر بأن يصغي إليه منصتا مقبلا بقلبه ووعده أن يثبته في صدره فلا ينساه (٣).
{فَإِذا قَرَأْناهُ} جعل قراءة جبريل قراءته. والقرآن: القراءة. {فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} فكن متبعا له منه ولا تراسله وطامن نفسك ألا يبقى غير محفوظ؛ فإن الله - تعالى - قد تكفل بحفظه
(١) سورة الإسراء، الآية (٥٩).
(٢) سورة النور، الآية (٢٤).
(٣) رواه الطبري في تفسيره (٢٩/ ٨٨ - ٨٩).