وقيل: {الرّاجِفَةُ} الأرض والجبال لقوله: {يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ} (١). و {الرّادِفَةُ} السماء والكواكب؛ لأنها تنشق وتنتشر كواكبها على أثر ذلك. فإن قلت: ما محل " تتبعها "؟ قلت الحال: أي: ترجف تابعتها الرادفة.
فإن قلت: كيف جعل {يَوْمَ تَرْجُفُ} ظرفا للمضمر الذي هو" لتبعثن "ولا يبعثون عند النفخة الأولى؟ قلت: معناه: لتبعثن في الوقت الواسع وهو وقت النفخة الأولى؛ لأن قوله: {تَتْبَعُهَا} جعل حالا عن الراجفة. ويجوز أن ينتصب {يَوْمَ تَرْجُفُ} بما دل عليه {قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ} أي: يوم ترجف وجفت القلوب. {واجِفَةٌ} شديدة الاضطراب.
والوجيب والوجيف أخوان. {خاشِعَةٌ} ذليلة. فإن قلت: كيف أضيفت الأبصار إلى القلوب؟ قلت: معناه: أبصار أصحابها بدليل قوله: {يَقُولُونَ}.
{فِي الْحافِرَةِ} في الحالة الأولى يعنون: الحياة بعد الموت، وحقيقة هذه الكلمة أنه يقال:
رجع فلان في حافرته أي: في طريقته التي جاء فيها فحفر فيها: أثر فيها بمشيه، جعل أثر قدميه حفرا، كما قيل: حفرت أسنانه حفرا: إذا أثر الأكال في أسنانها، والخط المحفور في الصخر. وقيل: حافرة؛ كقوله: {عِيشَةٍ راضِيَةٍ} (٢). أي: مرضية.
ومحفورة؛ كقوله:" نهارك صائم وليلك قائم "يريد أرجوعا إلى حافرة؟
وقيل: النقد عند الحافرة، يريدون: على الحالة الأولى التي هي وقت العقد. يقال: نخر العظم فهو نخر وناخر؛ كقولك: طمع فهو طمع وطامع، وفعل أبلغ من فاعل. وهو البالي الأجوف الذي تمزقه الريح، فيسمع له نخير (٣٢٩ /أ).
{قالُوا تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ (١٢) فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ (١٣) فَإِذا هُمْ بِالسّاهِرَةِ (١٤) هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى (١٥) إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً (١٦) اِذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى (١٧) فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكّى (١٨) وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى (١٩) فَأَراهُ الْآيَةَ الْكُبْرى (٢٠) فَكَذَّبَ وَعَصى (٢١)}
و {إِذاً} منصوب بمحذوف تقديره: إذا كنا عظاما نرد ونبعث {كَرَّةٌ خاسِرَةٌ} منسوبة إلى
(١) سورة المزمل، الآية (١٤).
(٢) سورة الحاقة، الآية (٢١).