تفسير سورة والضحى مكية
{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}
{وَالضُّحى (١) وَاللَّيْلِ إِذا سَجى (٢) ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى (٣) وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى (٤) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى (٥) أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى (٦)}
المراد بالضحى: وقت الضحى، وهو صدر النهار حين ترتفع الشمس، وتلقي شعاعها.
وقيل: إنما خص وقت الضحى؛ لأنه الوقت الذي كلم الله فيه موسى، وألقي فيه السحرة سجدا لقوله: {وَأَنْ يُحْشَرَ النّاسُ ضُحًى} (١).
وقيل: الضحى: النهار كله؛ لقوله - تعالى -: {أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً وَهُمْ نائِمُونَ} (٢) وقال في مقابلته: {ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ} (٣).
{سَجى} سكن، وركد ظلامه، ويقال: ليلة ساجية ليس فيها برد ولا حر، فهي ساكنة الريح. {ما وَدَّعَكَ} ما قطعك قطع المودع.
قيل: الوحي انقطع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أياما، فقال المشركون: إن محمدا ودعه ربه وقلاه، فنزلت (٤). وقيل: إن أم جميل امرأة أبي لهب قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: ما أرى شيطانك إلا قد تركك، فنزلت (٥). حذف الضمير من {قَلى} ما حذف في قوله: {وَالذّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالذّاكِراتِ} (٦) أصله: والذاكرته.
(فئاوى فهدى فأغني:) اختصار لفظي؛ لأن الضمير مراد، والتقدير لفظي؛ لظهور المحذوف. فإن قلت: كيف اتصل قوله: {وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى} بما قبله؟ قلت: لما كان في ضمن نفي التوديع أنك عند الله بالمكان الرفيع، وأنه مواصلك بالوحي إليك وأنك حبيب
(١) سورة طه، الآية (٥٩).
(٢) سورة الأعراف، الآية (٩٧).
(٣) سورة الأعراف، الآية (٩٨).
(٤) رواه الترمذي رقم (٣٣٤٥) وقال: حسن صحيح.
(٥) رواه البخاري رقم (٤٩٥١، ٢٨٠٢)، ومسلم رقم (١٧٩٦).
(٦) سورة الأحزاب، الآية (٣٥).