تفسير سورة العاديات مكية
{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}
{وَالْعادِياتِ ضَبْحاً (١) فَالْمُورِياتِ قَدْحاً (٢) فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً (٣) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً (٤) فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً (٥)}
أقسم بخيل الغزاة تعدو، فتضبح. والضبح: صوت أنفاسها قال عنترة من الكامل:
والخيل تكدح حين تضبح في حياض الموت ضبحا (١) ...
وانتصاب {ضَبْحاً} على الحال؛ أي: تعدو ضابحات أو بالعاديات. {فَالْمُورِياتِ} تورى نارا، تقدح بقدح حوافرها الحجارة. وانتصب {قَدْحاً} بما انتصب به ضبحا.
{فَالْمُغِيراتِ} تغير على العدو {صُبْحاً} {فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً} فهيجن بذلك العدو غبارا، والنقع:
غبار الحرب. {فَوَسَطْنَ بِهِ} أي: بذلك الوقت. {جَمْعاً} من العدو، أو: فوسطن بالغبار الجمع، أو: وسطن بمعنى: توسطن، ويجوز أن يراد بالنقع: الصياح وقيل: أثرن: مقلوب، وعن علي: إن الله أقسم بالإبل التي يحج عليها (٢).
{إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (٦) وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ (٧) وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (٨) أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ (٩) وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ (١٠) إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ (١١)}
{فَالْمُورِياتِ قَدْحاً} تقدح الحجارة. {فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً} من قوله عليه السلام: "أشرق ثبير كيما نغير" (٣).وقيل: الضبح لا يكون إلا للفرس والكلب والثعلب. وجمع: اسم المزدلفة،
(١) ينظر البيت في: البحر المحيط لأبي حيان (٨/ ٥٠٣)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٥٥٧)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٧٨٦)، لسان العرب (ضبح).
(٢) رواه الطبري في تفسيره (٣٠/ ٢٧٣).
(٣) رواه البخاري رقم (١٧٨٤)، والترمذي رقم (٨٩٦)، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه صلى ب "جمع" الصبح ثم وقف فقال: "إن المشركين كانوا لا يفيضون حتى تطلع الشمس ويقولون" أشرق ثبير " وإن النبي صلى الله عليه وسلم خالفهم، ثم أفاض قبل أن تطلع الشمس". وهذا لفظ البخاري. وظاهر من هذه الرواية أن هذا من قول المشركين، وليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم كما قد توهم عبارة المصنف - رحمه الله. وقد تقدم هذا القول ونسبه المصنف إلى كلام العرب في تفسير سورة ص.