{أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ ما أُوتِيتُمْ} متعلق ب {وَلا تُؤْمِنُوا} أي: لا تؤمنوا أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم، أو متعلق بما بعده مضمر، أي: إلا أن يؤتى أحد مثلكم ما أوتيتم شككتم وتركتم دين آبائكم {وَاللهُ واسِعٌ} العطايا.
{قائِماً} بالمطالبة والإلحاح، وكان اليهود يقولون لأوليائهم: ليس علينا في أخذ أموال الأميين جناح. {فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} أي: يحبهم، فعوض الضمير بالاسم الظاهر {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ} نزلت في الأشعث بن قيس (١) اختلف هو ورجل آخر في حدود أرض، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم لخصم الأشعث: تحلف، فقال الأشعث: يا رسول الله إنه فاجر لا يبالي على ماذا حلف (٢).
{وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ} نظر رحمة. وقيل: هو كناية عن الغضب، تقول: فلان لا ينظر إلى فلان أي: يبغضه {وَلا يُزَكِّيهِمْ} ولا يثني عليهم، أي: ولا يطهرهم.
{ما كانَ لِبَشَرٍ} قولك: «ما كان له أن يفعل تارة» يكون في المستقبل؛ كقوله: {ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها} النمل: ٦٠ {ما كانَ لِلّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ} المؤمنون: ٩١ وتارة يكون للممنوع شرعا والممنوع شرعا كالممنوع حسّا؛ كقوله: {وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} آل عمران: ١٦١ {ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللهِ} التوبة: ١٧ {ما كانَ لَنا أَنْ نُشْرِكَ بِاللهِ مِنْ شَيْءٍ} يوسف: ٣٨.
والرباني: الذي يعلم الناس الخير، وكان يقال لابن عباس: هو رباني هذه الأمة. وقيل:
هو الذي يربى في التعليم بصغار العلم قبل كباره، ويقويه قراءة {بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ} بالتشديد (٣).
(١) هو الأشعث بن قيس بعد معد يكرب الكندي، أبو محمد، وفد على الرسول صلّى الله عليه وسلم سنة عشر في ثمانين راكبا من كندة ليعلنوا إسلامهم، وقد ارتد مع من ارتد من الكنديين، وأسر في حروب الردة، فلما أحضر إلى أبي بكر أسلم فأطلقه، وشهد كثيرا من وقائع الإسلام منها اليرموك والقادسية، قطن الكوفة وتوفي بها في آخر سنة أربعين من الهجرة. تنظر ترجمته في الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر (١/ ١٠٩ - ١١١).
(٢) رواه البخاري في صحيحه رقم (٢٦٧٧، ٢٦٦٧، ٢٥١٦، ٢٤١٧، ٢٣٥٨)، ومسلم رقم (١٣٨).
(٣) قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو بما كنتم تعلمون الكتاب بالتخفيف، أي: بعلمكم الكتاب، وقرأ -