يمنعك مني، فقال: «الله» فأغمد السيف وجلس ونادى رسول الله صلّى الله عليه وسلم أصحابه، فأخبرهم، فنزلت {إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ} الآية (١).
وقيل: نزل من التنعيم سبعون شابّا لابسين السلاح، أرادوا أن يوقعوا بالمسلمين، فكفهم الله، وأنزل هذه الآية {وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ} على الإيمان بمحمد وأخذ منهم اثنى عشر نقيبا. {وَعَزَّرْتُمُوهُمْ} أي: منعتموهم ممن يؤذيهم، وأصل التعزير المنع، وكذلك قوله: {لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ} (٢) {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ} (٣) والتعزير الذي يذكره الفقهاء على من أتى معصية لاحد بها، ولا كفارة، فسمي به؛ لأنه يمنع من العود إلى الذنب.
{قَرْضاً حَسَناً} قد مضى شرحه (٤). ما في {فَبِما} زائدة. وقوله: {وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً} لا تتأثر بالمواعظ. وفيه دليل على أن الله - تعالى - فاعل الخير والشر.
{عَلى خائِنَةٍ} ومثله من المصادر التي على «فاعلة»؛ العاقبة، والعافية، والكاذبة في قوله: {لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ} (٥) واللاغية في قوله: {لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً} (٦).
{فَأَغْرَيْنا} فألصقنا بهم التعادي والتباغض {وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللهُ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ} ويجازيهم عليه.
{سُبُلَ السَّلامِ} أي: سبل السلامة. وقد أخبر عن «من» بالمفرد في قوله: {مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ} ثم بالجمع في قوله: {وَيُخْرِجُهُمْ} {وَيَهْدِيهِمْ}، وهو كثير وعكسه قليل. {فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللهِ} أي: من رد أمره. {نَحْنُ أَبْناءُ} أنبياء {اللهِ}.
(١) رواه البخاري في صحيحه رقم (٤١٣٩)، ومسلم برقم (٨٤٣) عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما.
(٢) سورة الفتح، الآية (٩).
(٣) سورة الأعراف، الآية (١٥٧).
(٤) في الآية (٢٤٥) من سورة البقرة.
(٥) سورة الواقعة، الآية (٢).
(٦) سورة الغاشية، الآية (١١).