{فِي اللهِ} أي: في دين الله وفي توحيده، وكان قومه قد هددوه بأن آلهتهم تهلكه فقال:
{وَلا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ}. وقوله: {وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً} تمييز محول، أي:
وسع علمه كل شيء. {وَكَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخافُونَ} أنتم من أنكم أشركتم بالله ما لم تتم به حجة {فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ} أنا أو أنتم، ثم بين الأحق بالأمن بقوله {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا} الآية. وهذه المحاجة {حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ}. وقرئ {نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ} (١) على أنه ظرف مكان أو أنه المصدر، كقوله ضربته سوطا.
قال الفقهاء: لو أوصى لبنيه أو لأولاده لم يدخل أولاد البنات، ولو أوصى لذريته دخل أولاد البنات؛ لقوله - تعالى: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ} إلى قوله {وَعِيسى} (٢).
{ذلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٨٨) أُولئِكَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ (٨٩) أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاّ ذِكْرى لِلْعالَمِينَ (٩٠) وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَهُدىً لِلنّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ قُلِ اللهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (٩١) وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ (٩٢)}
{وَلَوْ أَشْرَكُوا} لحبطت أعمالهم؛ كقوله: {وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً} (٣) وقوله: {مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ} (٤) وذلك بشرط الموت
(١) قرأ عاصم وحمزة والكسائي ويعقوب وخلف «نرفع درجات من نشاء» بالتنوين، وقرأ باقي العشرة «نرفع درجات من نشاء» بالإضافة. تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٤/ ١٧٢)، الحجة لابن خالويه (ص: ١٤٤)، حجة أبي زرعة (ص: ٢٥٨)، الدر المصون للسمين الحلبي (٣/ ١١٤)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٢٦١)، الكشاف للزمخشري (٢/ ٢٥)، النشر لابن الجزري (٢/ ٢٦٠).
(٢) ينظر: بدائع الصنائع للكاساني (٦/ ٤٣٩)، مغني المحتاج للشربيني (٢/ ٣٨٦).
(٣) سورة الفرقان، الآية (٢٣).
(٤) سورة إبراهيم، الآية (١٨).