قوله: {بِظُلْمٍ} حال من الفاعل، ويجوز أن يكون من المفعول، والأول أصح.
{وَلِكُلٍّ} واحد من فريقي الجن والإنس {دَرَجاتٌ مِمّا عَمِلُوا}. {بِمُعْجِزِينَ} بفاتنين. {عَلى مَكانَتِكُمْ} على تمكنكم، و {عاقِبَةُ الدّارِ} إذا أطلقت فالمراد بها الخير.
كانوا يعينون من زرعهم ومواشيهم شيئا لله، وشيئا لآلهتهم، فإن جاء نصيب آلهتهم زاكيا لا يردوه إلى الله وإن جاء نصيب الله زاكيا ردوه لآلهتهم، فنزلت {وَجَعَلُوا لِلّهِ} (١).
{وَكَذلِكَ} ومثل ذلك التزيين في التحليل والتحريم {زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ} أن يقتلوا أولادهم، إما تقربا، وإما كراهة للإنفاق عليهم. وفي الشركاء الذين زينوا أقوال: قيل: هم الشياطين. وقيل: سدنة الأوثان وخدمها. وقيل: الغواة من الجن والإنس. {لِيُرْدُوهُمْ} ليهلكوهم {وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدّى} (٢) اللام في {لِيُرْدُوهُمْ} لام كي. وقيل: لام العاقبة؛ لأنهم لم يقصدوا إرداءهم.
{وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ} ما كانوا يزعمون أنهم عليه من دين إسماعيل، أو دينهم الذي كان يجب أن يكون لهم وهو الحق، أو يوقعوهم في دين ملتبس. {حِجْرٌ} أي: منع، ومعناه: ذو منع.
{لا يَطْعَمُها إِلاّ مَنْ نَشاءُ} يريدون: البحائر والحوامي. {وَأَنْعامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها} يريدون: السوائب (٣) {وَأَنْعامٌ لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللهِ} بل يذكونها باسم آلهتهم {اِفْتِراءً عَلَيْهِ} أي: دعواهم أن الله حرم هذا أو ذبحهم إياها على اسم الآلهة.
{وَقالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَمُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (١٣٩)} {قَدْ خَسِرَ}
(١) رواه الطبري في تفسيره (٨/ ٤٠).
(٢) سورة الليل، الآية (١١).
(٣) البحائر: جمع البحيرة: كانوا في الجاهلية إذا نتجت الناقة خمسة أبطن فكان آخرها ذكرا بحروا أذنها أي: شقوها وأعفوا ظهرها من الركوب والحمل والذبح ولا تمنع عن ماء ترده، ولا تمنع من مرعى وإذا لقيها المعيي المنقطع به لم يركبها. والسوائب: جمع السائبة: كانوا إذا تابعت الناقة بين عشر إناث لم يركب ظهرها ولم يجز وبرها ولم يشرب لبنها، وتركوها مسيبة لسبيلها وسموها السائبة وأصله من تسييب الدواب وهو إرسالها تذهب وتجيء كيف شاءت البحيرة.
ينظر: لسان العرب (بحر)، النهاية في غريب الأثر لابن الأثير (١/ ١٠٠ - ٤/ ٤٣).