أي: اقترب للناس الحساب. تقول: من زيد أخذت ماله. والحوايا: المباعر. هل هي مستثناة، أو مستثنى منها؟ فيه مذهبان؛ وكانوا بنو إسرائيل قد أحدثوا بدعا فحرم عليهم بعض الحلال عقوبة، وهو معنى قوله: {بِبَغْيِهِمْ}.
{هَلُمَّ} عند الكوفيين تثنى وتجمع وتؤنث وتذكر؛ فيقال: هلم وهلما وهلموا وهلمي. والحجازيون يجعلونها على صورة واحدة (١)؛ كقوله تعالى: {وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا} (٢) وقال هاهنا: {قُلْ هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ}. وفي الحديث الصحيح: «ليذادن أقوام عن حوضي، كما يذاد البعير الضال، فأناديهم: ألا هلم ألا هلم» (٣).
(تعال) خاص أريد به العام، وأصله أن يقول المستعلي للمستفل: تعال، ثم اتسع فقيل لمن هو معك في أرض مستوية، ثم اتسع فيه فقيل لمن هو مستعل عليك وأنت في مكان أخفض، تقول له: تعال، وصار معناه: جيء. والمذكور في هذه الآيات الثلاث منه ما هو محرمات، ومنه ما هو واجبات كقوله - تعالى: {أَلاّ تُشْرِكُوا} تحريم للشرك. وقوله:
{وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً} تحريم للعقوق، وتحريم قتل الأولاد، وركوب الفواحش، وقتل النفس، وقربان مال اليتيم بغير حق، وبخس الكيل والوزن، وتحريم الإخلال بالقول، ونكث العهد، وسلوك غير سبيل المؤمنين، واتباع السبل المتفرقة، ونصب {إِحْساناً} على المصدر، أي: وأحسنوا للوالدين إحسانا. الإملاق: الفقر.
{وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلاّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُوا ذلِكُمْ وَصّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (١٥٢) وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذلِكُمْ وَصّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٥٣) ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (١٥٤) وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (١٥٥) أَنْ تَقُولُوا إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا وَإِنْ كُنّا عَنْ دِراسَتِهِمْ لَغافِلِينَ (١٥٦)} {أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا}
(١) ينظر: الدر المصون للسمين الحلبي (٣/ ٢١٢).
(٢) سورة الأحزاب، الآية (١٨).
(٣) رواه مسلم في صحيحه رقم (٢٤٩)، وأحمد في مسنده (٢/ ٣٠٠)، وابن ماجة رقم (٤٣٠٦)، والنسائي في المجتبى (١/ ٩٤)، وابن خزيمة رقم (٦)، وابن حبان رقم (١٠٤٦) عن أبي هريرة رضي الله عنه.