إلى آخرها، فكأنه قال: هو الذي يسيركم في البر والبحر، حتى وقعت هذه الجملة، والفلك هاهنا مفرد، وصيغة إفراده وجمعه سواء.
{وَجَرَيْنَ} أضمر الفلك جمعا. وجواب إذا: {جاءَتْها رِيحٌ} أو {دَعَوُا اللهَ} {إِذا هُمْ يَبْغُونَ} إذا للمفاجأة. وعن بعضهم: ثلاث من كن فيه كن عليه: النكث والمكر والبغي (١) والبغي بقوله: {إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ} والمكر بقوله: {وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاّ بِأَهْلِهِ} (٢)، والنكث بقوله: {فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ} (٣).
{فَنُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} فيجازيكم عليه. مثل الدنيا في سرعة إقبالها وزينتها وبهجتها بهذه الجملة، ولم يشبه الدنيا بالماء وحده كما ظنه بعضهم وقال: الدنيا تشبه الماء من وجهين: أحدهما: لو قبضت بكفك على الماء لم تجد منه شيئا. والثاني: أنك إن أخذت منه أكثر من الحاجة أضر بك. {أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها} كأنها حسنت نفسها بما تريد.
{دارِ السَّلامِ} الجنة، والسلام اسم من أسماء الله - تعالى - كأنه قال: دار الله. وقيل:
هي دار تحييهم الملائكة فيها بالسلام {وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ} الآية (٤).
وقيل: دار السلامة. والزيادة: النظر إلى وجه الله. وقيل: ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} (٥).
المعنى: والذين كسبوا السيئات جزاء. وقيل: التقدير: والذين كسبوا السيئات لهم جزاء سيئة. من قرأ (قطعا) بسكون الطاء ف "مظلم" صفته، ومن قرأ (قطعا) بفتحها (٦)، فهو حال من {اللَّيْلِ}.
(١) نسبه السيوطي في الدر المنثور (٤/ ٣٥٣) لأبي الشيخ عن مكحول.
(٢) سورة فاطر، الآية (٤٣).
(٣) سورة الفتح، الآية (١٠).
(٤) سورة الرعد، الآية (٢٣).
(٥) سورة السجدة، الآية (١٧).
(٦) قرأ ابن كثير والكسائي ويعقوب "قطعا"، وقرأ باقي العشرة "قطعا".
تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٥/ ١٥)، الحجة لابن خالويه (ص: ١٨١)، الحجة لأبي زرعة (ص: ٣٣٠)، الدر المصون للسمين الحلبي (٤/ ٢٥)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٣٢٥)، الكشاف للزمخشري (٢/ ٢٣٤)، النشر لابن الجزري (٢/ ٢٨٢).