وتفخيما لشأنه، والوقف عند قوله: {وَلا فِي السَّماءِ} (١) وإلا لزم أن يكون الذي يعزب عن علم الله لا يغيب إلا في كتاب مبين، وهو كلام فاسد، فإذا وقفنا على قوله: {وَلا فِي السَّماءِ} ويكون {وَلا أَصْغَرَ} {وَلا أَكْبَرَ} مستأنف، فمن فتحهما فهما مثل قولك: لا رجل في الدار، ومن رفعهما (٢) فهما كقوله: لا رجل في الدار (٧٨ /ب) وكقول الشاعر من مجزوء الكامل:
من صدّ عن نيرانها ... فأنا ابن قيس لا براح (٣)
{لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} في الآخرة {وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} على ما خلفوه، والبشرى في الدنيا: الرؤية الصالحة يراها المؤمن أو ترى له. الوقف على قوله: {قَوْلُهُمْ} (٤) ولا تكون إن مكسورة بعد القول لفساد المعنى، وإنما" إن "كسرت لابتداء كلام. {إِنْ يَتَّبِعُونَ} في عقائدهم {إِلاَّ الظَّنَّ} والخرص: الكذب، وأصله من خرص النخل والكرم، وهو أن يحرز ما عليه من التمر عند تقدير جفافه، وذلك الحرز لا بد أن يخطئ ولو بقدح.
قوله: {وَالنَّهارَ مُبْصِراً} فيه؛ كقوله: {وَآتَيْنا ثَمُودَ النّاقَةَ مُبْصِرَةً} (٥) أي: مبصرا بها. {لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ} والملك ينافي الولادة، وقد بين ذلك فيما سبق.
{إِنْ عِنْدَكُمْ} ما عندكم من حجة بهذا.
{مَتاعٌ فِي الدُّنْيا ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذابَ الشَّدِيدَ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ (٧٠)} {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقامِي وَتَذْكِيرِي}
(١) ينظر: منار الهدى في بيان الوقف والابتداء للأشموني (ص: ١٧٧).
(٢) قرأ حمزة" ولا أصغر من ذلك ولا أكبر "بالرفع، وقرأ الباقون" بالنصب. تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٥/ ١٧٣)، الدر المصون للسمين الحلبي (٤/ ٤٨)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٣٢٨)، الكشاف للزمخشري (٢/ ٣٥٥).
(٣) البيت لسعد بن مالك، ينظر في: الإنصاف لابن الأنباري (١/ ٣٤٢)، خزانة الأدب للبغدادي (١/ ٤٦٧)، شرح ديوان الحماسة للمرزوقي (ص: ٥٠٩)، شرح شواهد المغني (ص: ٥٨٢)، شرح المفصل لابن يعيش (١/ ١٠٩)، لسان العرب (برح).
(٤) ينظر: منار الهدى في بيان الوقف والابتداء للأشموني (ص: ١٧٨).
(٥) سورة الإسراء، الآية (٥٩).