أي: ورؤيتك. ومثل ذلك الاصطفاء بإسجاد النيرين والكواكب {يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ}.
{الْأَحادِيثِ} جمع أحدوثة، كالأضاحيك. {وَنَحْنُ عُصْبَةٌ} ينتفع باجتماعنا في مصالحه وكنا أحق بمحبته. {لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} لفي بعد عن الحق والإنصاف. {أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً} ليس فيها قوت ولا أنيس {يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ} كأن أباهم كانت قصوده منصرفة إلى يوسف وأخيه، فإذا هلك يوسف خلا قلبه من الموانع التي تشغله عنهم.
والغيابة: ما يخفي فيه موضع الشيء الغائب. {لا تَأْمَنّا} في موضع نصب على الحال.
وأكدوا نصحهم له وحفظهم بأن واللام. «(نرتع)» من رتع البهائم، قرئ «(نرتع)» بغير ياء مجزوم بجواب الأمر، وهو من الرعي. وقرئ {يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ} بالياء فيهما؛ لأن يوسف كان أصغر سنّا فهو أحق بنسبة الرتع واللعب إليه، وقرئ «(نرتع ويلعب)» (١) لأنهم أقوياء قادرون على الرعي، ويوسف يلعب.
{قالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ (١٣) قالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنّا إِذاً لَخاسِرُونَ (١٤) فَلَمّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (١٥) وَجاؤُ أَباهُمْ عِشاءً يَبْكُونَ (١٦) قالُوا يا أَبانا إِنّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَلَوْ كُنّا صادِقِينَ (١٧) وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ (١٨)}
{أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ} فاعل {لَيَحْزُنُنِي} والواو في {وَأَنْتُمْ} واو الحال، وكذلك الواو في {وَنَحْنُ} قيل: الواو في {وَأَجْمَعُوا} زائدة. وقيل: هي أصل، والزائدة في قوله:
{وَأَوْحَيْنا} وجواب {لَمّا} محذوف، أي: لما كان ذلك جرى ما لا يقدر قدره من الخطب الذي يعظم شرحه، ونظير هذه الآية قوله تعالى: {فَلَمّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} (٢) {لَتُنَبِّئَنَّهُمْ}
(١) قرأ نافع وأبو جعفر «يرتع ويلعب»، وقرأ أبو عمرو وابن عامر «نرتع ونلعب»، وقرأ ابن كثير "نرتع ونلعب" وقرأ باقي العشرة «يرتع ويلعب». تنظر القراءات في: البحر المحيط لأبي حيان (٥/ ٢٨٥)، الحجة لابن خالويه (ص: ١٩٣)، الحجة لأبي زرعة (ص: ٣٥٦)، الدر المصون للسمين الحلبي (٤/ ١٥٩)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٣٤٥)، الكشاف للزمخشري (٢/ ٣٠٦)، النشر لابن الجزري (٢/ ٢٩٣).
(٢) سورة الصافات، الآيتان (١٠٤، ١٠٣).