{مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (٢٦) وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ (٢٧) وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (٢٨) فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ (٢٩) فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٣٠) إِلاّ إِبْلِيسَ أَبى أَنْ يَكُونَ مَعَ السّاجِدِينَ (٣١)}
{وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} له قدر ووزن، ولا يعطف {وَمَنْ لَسْتُمْ} على قوله {لَكُمْ} لأن المضمر المجرور لا يعطف عليه إلا بإعادة حرف الجر إلا في لغة قليلة، كقوله من البسيط:
فما بك والأيام من عجب (١) ...
ولكن التقدير هنا: ومن لستم له برازقين كذلك.
{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ} إلا في تصرفنا وقبضتنا، فعبر عن ذلك بكونه في الخزائن عنده، وفي موضع آخر عبّر عنه بكون مفاتح تلك الخزائن بيده بقوله: {وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ} (٢) {لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} (٣). {الرِّياحَ} لاقحة للشجر منشئة لسحب المطر.
أسقى بالهمز: جعله سقيا لأرضه وزرعه. وسقاه ماء: أعطاه شيئا شربه.
المستقدمين والمستأخرين: الأمم الخالية كلهم، من سبق ومن لحق. وقيل: المستقدمون في الحرب، والمتأخرون، وهو بعيد؛ لأن سورة الحجر مكية، ولم يكن ثم قتال.
قيل: الصلصال الذي له صوت. وقيل: هو من صلّ اللحم، إذا أنتن. فخلقه من طين منتن. والحمأ: الطين الذي في قعر الماء. {مَسْنُونٍ} متغير، أسن الماء إذا تغيّر. وقيل:
مسنون: مصبوب. وفي الحديث عن عمرو بن العاص: "فإذا أنا متّ فسنّوا عليّ التراب سنّا" (٤).
واذكر إذ قال ربك {فَقَعُوا لَهُ} أي: فبادروا إلى السجود مسرعين، كالذي يلق من مكان ومثله: {فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ} (٥) {وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً} (٦) {وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ} (٧).
(١) تقدم تخريجه في سورة النساء، الآية (١).
(٢) سورة الأنعام، الآية (٥٩).
(٣) سورة الزمر، الآية (٦٣).
(٤) رواه أحمد في المسند (٤/ ١٩٩)، والبيهقي في سننه الكبرى (٤/ ٥٦).
(٥) سورة الشعراء، الآية (٤٦).
(٦) سورة يوسف، الآية (١٠٠).
(٧) سورة الإسراء، الآية (١٠٩).