النقص. يقال: هضيم الكشح، أي: صغيره، ومثل هذا الإنزال {أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا} وقد يوجد فيه كلمات فارسية أو رومية قد عرّبت وهو كما يقال: هذا ثور أسود، وإن كان في بعض قوائمه عشر شعرات بيض. {وَصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ} ليردهم ذلك التصريف عما هم عليه من العناد. {أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ} تذكّرا واتعاظا {فَتَعالَى اللهُ} أي: جلّ عما يقوله الكفرة من دعوى الشريك والولد له.
وكان النبي صلّى الله عليه وسلم إذا قرأ جبريل عليه ما نزل عليه من الوحي يلاحق جبريل في القراءة خشية أن يتفلت عنه بعضه، فأنزل الله - تعالى: {لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ} (١) وهذه الآية {وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ} أي: من قبل أن يفرغ جبريل من قراءته، فكان النبي صلّى الله عليه وسلم بعد ذلك يسكت حتى يفرغ جبريل من قراءته، ثم يقرؤها النبي صلّى الله عليه وسلم فلا يخل منها بشيء (٢).
{وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً (١١٥) وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاّ إِبْلِيسَ أَبى (١١٦) فَقُلْنا يا آدَمُ إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى (١١٧) إِنَّ لَكَ أَلاّ تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى (١١٨) وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى (١١٩)}
{وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً} لم يعد بعض المفسرين آدم من أولي العزم ولا يونس؛ لقوله تعالى: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ} (٣) {وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ} قيل: جعله قبلة لهم، والمراد: اسجدوا لجهته.
وقيل: اسجدوا لسجوده، أي: ليكون إماما لكم وأنتم تقتدون به، والصحيح أنهم أمروا أن يسجدوا لآدم تعظيما له، وذلك لا يجوز في شريعتنا، وقد جاء في يعقوب وأولاده {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً} (٤) وقوله: {أَبى} جملة مستأنفة، جواب لسؤال سائل سأل فقال: ماذا صنع إبليس؟ فيقول له: أبى أن يسجد.
(١) سورة القيامة، الآية (١٦).
(٢) رواه البخاري رقم (٤٩٢٩)، ومسلم رقم (١٤٨، ١٤٧).
(٣) سورة القلم، الآية (٤٨).
(٤) سورة يوسف، الآية (١٠٠).