{لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ (٥٨) قالُوا مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا إِنَّهُ لَمِنَ الظّالِمِينَ (٥٩) قالُوا سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ (٦٠) قالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلى أَعْيُنِ النّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ (٦١) قالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا بِآلِهَتِنا يا إِبْراهِيمُ (٦٢) قالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ (٦٣) فَرَجَعُوا إِلى أَنْفُسِهِمْ فَقالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظّالِمُونَ (٦٤)}
قوله - تعالى: {نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها} قيل: بفتح بلاد المشركين. وقيل: بنقصان أهلها وقلة بركتها. وقيل: بموت فقهائها وعلمائها، والقول الثاني والثالث مشكلان، أما الثاني فلقوله: {أَوَلَمْ يَرَوْا} ولم يكن قد ظهر على المسلمين فتح بلاد؛ لأن هاتين الآيتين من سورتين مكيتين، ولم يحصل فتح في ذلك الزمان. وأما الثالث وهو موت الفقهاء فأي فقيه يتأثر الناس بموته مع حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلم. (١٢٧ /أ)
{الْفُرْقانَ} في أصله مصدر فرق يفرق، ويجوز إطلاقه على كل فرق. فقيل: هو التوراة. وقيل: هو البرهان الذي أتى به موسى، ففرق بين حقّ موسى وباطل فرعون (١). {وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ} وقيل: موعظة. وقيل: هو نصر موسى وأشياعه وهلاك فرعون وأتباعه. قوله: {آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ} هو النبوة. وقيل: هو أن أوتي العلم صغيرا، فجادل قومه في إبطال مذهبهم بالكوكب والقمر والشمس.
قوله: {مِنْ قَبْلُ} أي: من قبل إيتاء النبوة. وقيل: من قبل موسى وهارون. {وَكُنّا بِهِ عالِمِينَ} وكنا بصلاحيته للنبوة وإيتاء الرشد عالمين. قوله: {جُذاذاً} أي: قطعا. قوله:
{عَلى أَعْيُنِ النّاسِ} أي: بمرأى منهم. قوله: {لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ} أي: يشهدون بما جرى من إبراهيم من الحجة، ومن النمرود من الجدال بالباطل.
وقيل: لعلهم يشهدون عليه بما جرى منه من انتقاص أصنامهم. قوله - تعالى:
{كَبِيرُهُمْ هذا} مشروط بشرط، هو {إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ} أي: إذا صلحوا للجواب عن ذلك صلحوا لكسر الأصنام. قوله - عز وجل: {فَرَجَعُوا إِلى أَنْفُسِهِمْ} قيل:
هو حقيقة أن فكّر كلّ واحد في نفسه وشاور رفيقه في ذلك. وقيل: رجع بعضهم إلى بعض؛ كقوله: {وَلا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ} (٢) أي: لا يخرج بعضكم بعضا.
(١) رواه الطبري في تفسيره (١٧/ ٣٤).
(٢) سورة البقرة، الآية (٨٤).