نفسه هجران ربه. وقيل: هو الشيطان؛ لقوله: {أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ} (١).
{فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ (٨٤) وَإِسْماعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصّابِرِينَ (٨٥) وَأَدْخَلْناهُمْ فِي رَحْمَتِنا إِنَّهُمْ مِنَ الصّالِحِينَ (٨٦) وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّالِمِينَ (٨٧)}
وأفتى الله أيوب أن يضربها بشيء من الضغث وهو الحشيش البالي، ويكون عدده مائة ضغثا ففعل ذلك، وأحيا الله ذريته على ما وصفنا، أحياهم بأعيانهم، ورزقه مثلهم معهم وقيل: أعاد له أمثالهم ولم يعدهم بأعيانهم.
قوله: {وَذَا الْكِفْلِ} قيل: هو نبي وهو اليسع. وقيل: ليس نبيّا، بل كان قد كفل لنبي قيل: إنه اليسع بأن يقوم مقامه فوفى بذلك. وقوله - تعالى: {مُغاضِباً} أي: للملك، وكان رجلا لا بأس به. وقيل: مغاضبا لقومه. وقيل: لربه. {وَذَا النُّونِ} أي: وصاحب الحوت؛ كقوله: {وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ} (٢) وسبب مغاضبته لقومه أنه كان من شرعهم أن من كذب قتل، وكان يونس قد وعد قومه بمجيء العذاب بعد ثلاثة أيام، ثم رفع الله عنهم العذاب بدليل قوله: {إِلاّ قَوْمَ يُونُسَ لَمّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا} (٣) وقيل:
مغاضبته أنه كان في خلقه حرج فتوجه ذاهبا عن قومه من غير استئذان لربه، فكانت تلك معصيته. وقيل: لما حمّل النبوة تفسخ تحتها تفسخ الرّبع (٤) تحت الحمل الثقيل، وقال:
{فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نادى وَهُوَ مَكْظُومٌ} (٥). وقوله: {فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} أي: لن نضيق، وقرأ ابن عباس: {أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} بالتشديد (٦) {فِي الظُّلُماتِ} ظلمة
(١) سورة ص، الآية (٤١).
(٢) سورة القلم، الآية (٤٨).
(٣) سورة يونس، الآية (٩٨).
(٤) الرّبع: الفصيل ينتج في الربيع، والفصيل: ولد الناقة أو البقرة بعد فطامه، انظر المعجم الوسيط (مادة: ربع).
(٥) سورة القلم، الآية (٤٨).
(٦) قرأ بها ابن عباس والزهري وعمر بن عبد العزيز، وقرأ يعقوب من العشرة "يقدر"، وقرأ باقي العشرة "نقدر" تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٦/ ٣٣٥)، تفسير القرطبي (١١/ ٣٣٢)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ١٠٥)، الكشاف للزمخشري (٣/ ١٣١)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣٢٤).