سورة المؤمنون مكية
{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}
{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ (٢) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (٣) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ (٤) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ (٥) إِلاّ عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٦) فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ (٧) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ (٨) وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ (٩) أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ (١٠) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ (١١)}
قوله - عز وجل: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} الفلاح البقاء، قال لبيد من السريع:
لو كان حيّ مدرك الفلاح ... أدركه ملاعب الرّماح (١)
قيل: أراد بقاءهم في الجنة. وقيل: بقيت لهم أعمالهم فلم تبطل. وقيل: الفلاح الفوز بالجنة. وروى عمر رضي الله عنه قال: «كان النبي صلّى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي يسمع عند وجهه دويّ كدويّ النحل، فأنزل عليه مرّة، فلما سرّي عنه استقبل القبلة ورفع يديه، وقال: اللهمّ زدنا ولا تنقصنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وأكرمنا ولا تهنّا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وارض علينا، ثم قال: لقد أنزل عليّ عشر آيات من أقامهنّ دخل الجنة، ثم قرأ {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} إلى قوله: {هُمْ فِيها خالِدُونَ}» (٢) {خاشِعُونَ} قيل: خائفون. وقيل: خاضعون.
وقيل: غضّ البصر وخفض الجناح. وقيل: أن يجعل نظره إلى موضع سجوده، ولا يجاوزه.
وفي محل الخشوع قولان: أحدهما: القلب. والثاني: القلب والبصر معا.
{اللَّغْوِ} الباطل. وقيل: الكذب. وقيل: الشتم، وكان كفار مكة يشتمون المؤمنين فأمر المؤمنون بالإعراض عن شتمهم (٣). قوله - عز وجل: {أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ} روي عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال: «ما منكم إلا من له منزلان: منزل في الجنّة، ومنزل في النار، فإن مات ودخل
(١) تقدم تخريجه في تفسير سورة البقرة، الآية (٥).
(٢) رواه أحمد في المسند (١/ ٣٤)، والترمذي رقم (٣١٧٣)، والحاكم في المستدرك (٢/ ٣٩٢) وضعفه الألباني في ضعيف الترمذي رقم (٦٢٠).
(٣) ذكره الماوردي في النكت والعيون (٣/ ٩٣) عن النقاش.