{وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢) إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (٢٣) يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (٢٤) يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (٢٥)}
قوله - عز وجل: {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ} أي: تشيعون ذكره في المجالس حتى ينتشر.
وقيل: تتلقونه بالقبول إذا حدّث به ولا تنكرونه، وروي عن عائشة - رضي الله عنها - أنها كانت تقرأ {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ} بكسر اللام وتخفيف القاف (١)، ومعناه: ترددونه وهو مأخوذ من الولق، وهو الإسراع، أي: تسرعون في الكذب وغيره. {خُطُواتِ الشَّيْطانِ} آثاره. وقيل خطاياه. وقيل: يخطّي الشيطان الإنسان من الطاعة إلى المعصية.
قوله - عز وجل: {وَلا يَأْتَلِ} أي: لا يقصر. وقيل: لا يحلف، من قوله: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ} (٢) أي: يحلف. وقرئ (ولا يتألّ) (٣) أي: لا يحلف.
وفي الحديث: «من يتألّ على الله يكذّبه» (٤) وهذه الآية نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه كان ينفق على مسطح بن أثاثة، فلما خاض في الإثم ونشره حلف أبو بكر رضي الله عنه أن لا يبّره، وكان ابن خالته، فنزلت الآية، فقال أبو بكر: «والله إني أحب أن يغفر الله لي» فعاد إلى برّه وكفّر عن يمينه (٥).
{الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٢٦)}
قوله - عز وجل: {الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ} الآية فيه ثلاثة أقوال:
(١) تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٦/ ٤٣٦)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٢١٣)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٢١٩).
(٢) سورة البقرة، الآية (٢٢٦).
(٣) قرأ «يتألّ» أبو جعفر من العشرة، وقرأ الباقون «يأتل». تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٦/ ٤٤٠)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٢١٤)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٥٦)، المحتسب لابن جني (٢/ ١٠٦) معاني القرآن للفراء (٢/ ٢٤٨)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣٣١).
(٤) رواه ابن السري في كتاب الزهد (١/ ٢٨٦ رقم ٤٩٧) عن عبد الله بن مسعود من خطبة طويلة له.
(٥) رواه البخاري في صحيحه رقم (٦٣٠١).