{وَالصّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ}؟ قلت: ليحصن دينهم، ويحفظ عليهم صلاحهم.
قوله - عز وجل: {وَاللهُ واسِعٌ} ذو سعة {عَلِيمٌ} بمن يبسط الرزق له.
{وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٣)}
{وَلْيَسْتَعْفِفِ} وليجتهد في العفة {لا يَجِدُونَ نِكاحاً} أي: استطاعة تزوج ويجوز أن يراد بالنكاح: ما ينكح به من المال.
{وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ} يطلبون الكتابة، وفي إعراب «{وَالَّذِينَ}» قولان: الرفع على الابتداء والنصب بإضمار فعل يدل عليه قوله: {فَكاتِبُوهُمْ} {وَآتُوهُمْ} وفي المأمور بإيتائه قولان:
أحدهما: الزكاة؛ لقوله - تعالى: {وَفِي الرِّقابِ} (١) أو يحط عن المكاتب بعض ما عليه وذلك واجب عند الشافعي، ويجوز عند أبي حنيفة إن كان على مال حالّ ومؤجل، ومنجّم وغير منجّم؛ لأن الله - تعالى - أطلق جواز الكتابة. وعند الشافعي لابد من تأجيله، وأقل آجاله نجمان فصاعدا، وإجابة المكاتب إلى الكتابة سنة. وقيل بوجوبها (٢).
قوله - عز وجل: {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً} أي: قدرة على الكسب. وقيل: أمانة، ويجوز للسيد أن يأخذ من المكاتب ما تصدق به عليه.
وكان لعبد الله بن أبي رأس النفاق ست جوار يكرههنّ على البغاء، وضرب عليهن ضرائب فشكت ثنتان منهن إلى النبي صلّى الله عليه وسلم، فنزلت (٣). وكنى بالفتى والفتاة عن العبد والأمة،
= (٧/ ٣٣٤)، النكت والعيون للماوردي (٣/ ١٢٥)، المهذب للشيرازي (٢/ ٤٢٣).
(١) سورة التوبة، الآية (٦٠).
(٢) ينظر: الأم للشافعي (٨/ ٣٧)، بدائع الصنائع للكاساني (٣/ ٥٩٧)، بداية المجتهد لابن رشد (١/ ١١٧٤)، المغني لابن قدامة (١٢/ ٣٣٩)، النكت والعيون للماوردي (٣/ ١٢٧).
(٣) رواه مسلم رقم (٣٠٢٩) نحو ذلك دون ذكر عدد الجواري. وله روايات كثيرة عند الطبري في تفسيره (١٨/ ١٣٢ - ١٣٣).