{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٦٢) لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٦٣) أَلا إِنَّ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٦٤)}
بيّن - سبحانه - عظم الذنب في القيام عن مجلس رسول الله صلّى الله عليه وسلم بغير إذنه، وذلك بتقديم «إنما» الدالة على الحصر، وقرن ذلك الوصف بالإيمان بالله والرسول، ثم أعاده على نمط آخر بقوله: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ} والأمر الجامع: الذي يجتمع الناس عليه، فجعل الأمر جامعا مجازا والأمر المهم اجتماع الكبراء في قصد عدو، أو في نقض عهد. وقيل: نزلت في حفر الخندق، وكان قوم يتسللون ذاهبين بغير إذن وقالوا:
كذلك ينبغي أن يكون الناس (١٤٥ /ب) مع أئمتهم، ولا يذهبون عنهم بغير إذنهم، ولا ينادوه باسمه، فيقولوا: يا محمد، بل: يا رسول الله، ويا نبي الله، أو: لا تهملوا وجوب حضوركم إليه ودعاءه إياكم {كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً} إن شئتم أجبتم، وإن شئتم تركتم.
ومعنى {الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} أي: يصدون، تقول: خالفت الرجل إلى المنزل أي: ذهبت إليه ولم يذهب هو. وقوله: {عَنْ أَمْرِهِ} الضمير عائد إلى الله. وقيل: إلى الرسول.
وقوله - عز وجل: {قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ} دخلت (قد) للتكثير. كما إذا دخلت {ما} على (ربّ) صارت للتكثير. {رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ} (١).
وقول الشاعر من البسيط:
قد أترك القرن مصفرّا أنامله ... ... (٢)
ومن الطويل:
(١) سورة الحجر، الآية (٢).
(٢) تقدم في تفسير سورة البقرة، الآية (١٤٤).