سبيل الله. أمره بأن يتوكل على الله ويثق به، وعرّفه بأن الحيّ الذي لا يموت حقيق بأن نتوكل عليه وحده، فإنه إذا مات من يتوكل عليه فاتت مقاصد التوكل. {وَكَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً} مطلعا على أعمالهم وأقوالهم. {فِي سِتَّةِ أَيّامٍ} مقدار ستة أيام.
وقيل: ستة أيام من أيام الآخرة، وكل يوم ألف سنة، والأول أظهر. وعن مجاهد: أولها يوم الأحد وآخرها يوم الجمعة (١). ووجهه أن يسمي الله - تعالى - لملائكته تلك الأيام المقدّرة بهذه الأسماء، فلما خلق الشمس وأدارها جرت التسمية على هذه الأيام.
وعن سعيد بن جبير: خلقها في ستة أيام مع قدرته على خلقها في لحظة، ليعلّم عباده التثبت. وقيل: اجتمع خلقها يوم الجمعة فجعله الله عيدا للمسلمين (٢) {الَّذِي خَلَقَ} مبتدأ و {الرَّحْمنُ} خبره، أو هو صفة ل {الْحَيِّ} و {الرَّحْمنُ} خبر (١٥١ /ب) مبتدأ محذوف، أو بدل عن المستتر في {اِسْتَوى}.
وقرئ (الرّحمن) بالجر (٣) صفة ل {الْحَيِّ}. الباء في {بِهِ} كقوله: {سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ} (٤) وقد تكون (عن) صلته في نحو قوله: {ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} (٥).
وقيل: تقديره: فاسأل عنه رجلا يخبرك بصفاته، أو فاسأل بسؤاله خبيرا؛ كقولك: رأيت به أسدا، أو حالا عن الهاء، يريد فاسأل عنه عالما بكل شيء، و {الرَّحْمنُ} اسم من أسماء الله - تعالى - وهو مذكور في الكتب القديمة والصحف المنزلة، أي: فاسأل عن هذا الاسم من أهل الكتاب يخبروك بأنه موجود في كتبهم، ولم يتسمّ بهذا الاسم أحد، وكانوا يقولون لمسيلمة: رحمان اليمامة. وقيل: كانوا ينكرون إطلاق اسم الرحمن على الله.
{وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا وَزادَهُمْ نُفُوراً (٦٠)}
(١) ذكره النسفي في تفسيره (٣/ ١٧٤).
(٢) ذكر هذه الأقوال الزمخشري في الكشاف (٣/ ٢٨٨)، وذكر قول ابن جبير العيني في عمدة القاري في شرح صحيح البخاري (٢٥/ ١٤٤).
(٣) قرأ بها زيد بن علي، على أنه نعت للحي، أو الموصول. وقراءة الجمهور (الرحمن).
تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٦/ ٥٠٨)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٢٦٠)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٢٨٩).
(٤) سورة المعارج، الآية (١).
(٥) سورة التكاثر، الآية (٨).