فاكتفى بالواحد في قوله: {إِماماً} لدلالته على الجنس، ولعدم اللبس؛ كقوله: {ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً} (١) أو اجعل كل واحد منا إماما، أو أراد جمع آم، كصائم وصيام، أو أراد واجعلنا إماما واحدا لاتحادنا واتفاق كلمتنا، وفيه دليل على أن الرياسة ينبغي طلبها قيل:
نزلت الآية في العشرة المبشرين بالجنة (٢).
{مِنْ} في قوله: {مِنْ أَزْواجِنا} يجوز أن تكون للبيان، كأنه قال: هب لنا قرّة أعين، ثم بيّن ذلك في الذريّة والأزواج، كقولك: رأيت منك أسدا، وأن تكون لابتداء الغاية، أي:
هب لنا من جهة الأزواج والذرية، وإنما نكر القرّة لأنها مضافة إلى النكرة، وذكر جمع القلة؛ لأن المتقين قليل بالإضافة إلى غيره؛ لقوله - تعالى: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ} (٣).
{أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَسَلاماً (٧٥) خالِدِينَ فِيها حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً (٧٦) قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً (٧٧)}
وقوله: {يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ} اكتفى فيه بالواحد للدلالة على الجنس؛ كقوله: {وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ} (٤) {بِما صَبَرُوا} أي: بصبرهم على الطاعات وعن الشهوات وعلى أذى الكفار ومجاهدتهم وعلى الفقر.
وقرئ {وَيُلَقَّوْنَ} كقوله: {وَلَقّاهُمْ نَضْرَةً} (٥) وقرئ (يلقون) (٦) مخففا؛ كقوله:
{يَلْقَ أَثاماً}.
(١) سورة غافر، الآية (٦٧).
(٢) ذكره الماوردي في النكت والعيون (٣/ ١٦٨)، والزمخشري في الكشاف (٣/ ٢٩٦).
(٣) سورة سبأ، الآية (١٣).
(٤) سورة سبأ، الآية (٣٧).
(٥) سورة الإنسان، الآية (١١).
(٦) قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وعاصم في رواية حفص عنه وأبو جعفر ويعقوب (ويلقّون)، وقرأ حمزة والكسائي وشعبة عن عاصم وخلف (ويلقون).
تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٦/ ٥١٧)، حجة ابن خالويه (ص: ٢٦٧)، حجة أبي زرعة (ص: ٥١٥)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٢٦٦)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٤٦٨)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٢٩٧)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣٣٥).