{أَلا تَتَّقُونَ (١٧٧) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٧٨) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (١٧٩) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (١٨٠) أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ (١٨١) وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ (١٨٢) وَلا تَبْخَسُوا النّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (١٨٣) وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ (١٨٤) قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (١٨٥) وَما أَنْتَ إِلاّ بَشَرٌ مِثْلُنا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِينَ (١٨٦) فَأَسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفاً مِنَ السَّماءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصّادِقِينَ (١٨٧) قالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ (١٨٨) فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٨٩) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٩٠) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٩١)}
وقوله: {فَأَصْبَحُوا نادِمِينَ. فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ} فندموا على ما فعلوا من مخالفة صالح، ولم يكن ندمهم توبة؛ لأنهم ما ندموا على العصيان، وإنما ندموا على فساد رأيهم، واللام في {الْعَذابُ} إشارة إلى عذاب يوم عظيم. أراد ب {الْعالَمِينَ} الناس مع كثرتهم وغلبة إناثهم على ذكورهم في الكثرة والعالمون على هذا كل ما ينكح من الحيوان
و {مِنْ} في قوله: {مِنْ أَزْواجِكُمْ} لبيان الجنس أو للتبعيض. ويراد ب {ما خَلَقَ} العضو المباح منهن. وقرئ "ما أصلح لكم ربّكم من أزواجكم" (١) وكأنهم كانوا يفعلون مثل ذلك بنسائهم {قَوْمٌ عادُونَ} قد تجاوزوا الحد في العصيان بل أنتم عادون في جميع المعاصي. {لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ} عن إنكارك لما نحن عليه لتكونن من جملة من أخرجناه من المدينة. قوله: {مِنَ الْقالِينَ} أبلغ من أن يقول: إني قال لعملكم. والقلي أشد البغض، كأنه يقلي الفؤاد بحرقته.
{مِمّا يَعْمَلُونَ} من إتيان الذكران. وقيل: أمدني بالعصمة. قوله: {إِلاّ عَجُوزاً} استثناها لأنها هلكت لرضاها بفعل قومها. قيل: إنها هلكت مع من خرج من القرية بما أمطر عليهم من الحجارة.
وكان أصحاب الأيكة أصحاب شجر ملتف، وشجرهم الدوم. {بِالْقِسْطاسِ} الميزان.
وقيل: العدل، ونهاهم عن الفساد في الأرض وقطع الطريق و {وَالْجِبِلَّةَ} الخلقة، ودخلت الواو في قوله: {وَما أَنْتَ إِلاّ بَشَرٌ} ولم تدخل في قصة صالح، فإذا دخلت كانوا قد أنكروا أمرين، وإذا لم تدخل كانوا لأمر واحد، والسماء: السحاب، أو المظلة. وإنما طلبوا ذلك
(١) قرأ بها ابن مسعود. تنظر في: تفسير القرطبي (١٣/ ١٣٢)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٣٣٠).