وقرئ {أَإِلهٌ مَعَ اللهِ} (١). بمعنى: أتدعون أو تشركون، ولك أن تحقق الهمزتين وتوسط بينهما مدّة، وتخرج الثانية بين بين. (يعدلون) (١٦٧ /أ) به غيره، أو يعدلون عن طريق الحق.
{أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً وَجَعَلَ خِلالَها أَنْهاراً وَجَعَلَ لَها رَواسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً أَإِلهٌ مَعَ اللهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٦١) أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللهِ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ (٦٢) أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلهٌ مَعَ اللهِ تَعالَى اللهُ عَمّا يُشْرِكُونَ (٦٣)}
{أَمَّنْ جَعَلَ} وما بعده بدل من {أَمَّنْ خَلَقَ} {قَراراً}. دحاها وسواها للاستقرار عليه. {حاجِزاً} كقوله: {بَرْزَخاً} (٢) الضرورة: الحالة المحوجة إلى اللجاء والاضطرار افتعال منها، والفاعل والمفعول منه مضطر، والمضطر هاهنا: الذي أحوجه مرض أو فقر أو نازلة من نوازل الدهر إلى اللجوء والتضرع إلى الله. وقيل: المذنب إذا استغفر.
فإن قلت: كم من مضطر يدعو فلا يستجاب له؟! قلت: الإجابة لها شرط، وهو ألا يكون في المدعو به مفسدة، فإذا فقد الشرط فقدت الإجابة، ولذلك لم يجب كل مضطر، والمضطر: اسم جنس يقع على الواحد وعلى الكثير.
{خُلَفاءَ الْأَرْضِ} خلفاء فيها وذلك توارثهم سكناها، والتصرف فيها قرنا بعد قرن، أو أراد بالخلافة الملك والتسلط. {ما} مزيدة في قوله: {قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ} أي:
تذكرون تذكرا قليلا، والمعنى: نفي التذكر. والقلة تستعمل في معنى النفي.
{يَهْدِيكُمْ} بالنجوم في السماء، والعلامات في الأرض. وقال: {ثُمَّ يُعِيدُهُ} وهم ينكرون الإعادة؛ لأنهم مقرون بالنشأة الأولى أنها من عند الله، والنشأة الثانية تلزمهم، ولازم القول قول فهم كالمقرين بها. {مِنَ السَّماءِ} بالمطر و {مِنَ الْأَرْضِ} بالنبات إن {كُنْتُمْ صادِقِينَ} أن مع الله إلها فأين دليلكم عليه؟
{أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللهِ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٦٤) قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللهُ وَما يَشْعُرُونَ أَيّانَ يُبْعَثُونَ (٦٥)}
(١) تنظر في: الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٣٢٣).
(٢) سورة الفرقان، الآية (٥٣).