قوله: {أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً} هي الضلال الذي حملوا عليه أضدادهم فيجتمع عليهم إثم الضلال والإضلال.
{وَلَيُسْئَلُنَّ} سؤال تقريع {عَمّا كانُوا يَفْتَرُونَ} أي: يختلفون من الأكاذيب والأباطيل.
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً .. }. (١). قيل: كان عمر نوح ألفا وخمسين سنة، أربعون قبل النبوة وستون بعد الطوفان، وفي قومه تسعمائة وخمسون وقوله: {أَلْفَ سَنَةٍ إِلاّ خَمْسِينَ} ولم يقل:
تسعمائة وخمسين؛ لأنه لو قال مثل ما قلت لتطرق إليه المجاز، وأيضا فذكر عقد الألف أهيب وأدل على الكثرة. فإن قلت: فلم جاء المميز أولا بالسنة وثانيا بالعام؟
قلت: لأن تكرير اللفظ الواحد في الكلام الواحد مما يمجّه السمع. و {الطُّوفانُ} ما أحاط وأطاف بكثرة وغلبة من سيل أو ظلام ليل أو نحوهما، والضمير في {وَجَعَلْناها} للسفينة أو للقصة، ونصب {وَإِبْراهِيمَ} بإضمار اذكر، وأبدل عنه "إذ" بدل الاشتمال. {وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً} هو تسميتهم الأصنام آلهة. ونكر الرزق الأول، وعرف الرزق الثاني؛ لأنه أراد: لا يقدرون على شيء؛ فاطلبوا الرزق كله من الله الذي لا رزاق إلا هو.
{وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ} سبقكم غيركم بتكذيب الأنبياء، فهلكوا.
وهذه الآيات (١٧٦ /أ) إلى قوله: {فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ} يجوز أن تكون من كلام إبراهيم صلوات الله عليه، وأن تكون آيات معترضة في شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقريش، بين أول قصة إبراهيم وآخرها، وإذا كانت من كلام إبراهيم فوجه مجيئها معترضة أن المراد بها تسلية رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما كان يلقاه من الكفر.
وقوله: {ثُمَّ يُعِيدُهُ} ليس بمعطوف على {يُبْدِئُ؛} لأنها ليست معلومة للمخاطب، وصلة {الَّذِينَ} لا بدّ من العلم بها. قوله عز وجل: {وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ} لو كنتم فيها. وقيل: ولا من في السماء بمعجزين؛ كقول حسان من الوافر:
أمن يهجو رسول الله منكم ... ويمدحه وينصره سواء (٢)
(١) انظر الكشاف (٣/ ٤٤٤).
(٢) ينظر في: تذكرة النحاة لأبي حيان (ص: ٧٠)، الدرر اللوامع على همع الهوامع لأحمد الأمين الشنقيطي (٥/ ١٨٦)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٤٤٥)، ديوان حسان بن ثابت (ص: ٧٦)، مغني اللبيب لابن هشام (ص: ٦٢٥)، همع الهوامع للسيوطي (١/ ٨٨).