ودمعة الحزن حارة {أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً} كلاهما على لفظ "من"، وهو للإفراد، و {لا يَسْتَوُونَ} حمل على المعنى في الجمع. {جَنّاتُ الْمَأْوى} مذكورة في سورة النجم (١) تأوي إليها أرواح الشهداء. النزل: دار الضيافة. {الْعَذابِ الْأَدْنى} من القتل والأسر يوم بدر، وما امتحنوا به من القحط سبع سنين. وعن مجاهد: عذاب القبر و {الْعَذابِ الْأَكْبَرِ} عذاب الآخرة (٢). روي أنه وقع كلام بين علي والوليد بن عقبة بن أبي معيط؛ فقال له الوليد: اسكت؛ فإنك صبي، وأنا أملأ منك حشوا في الكتيبة؛ فقال له علي رضي الله عنه: اسكت فإنك فاسق؛ فنزلت: {أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً} الآيات (٣).
قوله: {ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها} أتى ب "ثم" للاستبعاد، والمعنى أن الإعراض عن مثل آيات الله في وضوحها وإنارتها وهدايتها إلى سواء السبيل الفوز بالسعادة بعد التذكير بها مستبعد في العقل والعدل كما تقول لصاحبك: وجدت مثل هذه الفرصة ثم لم تنتهزها.
{الْكِتابَ} للجنس، والضمير في {لِقائِهِ} لموسى؛ أي: من لقاء موسى التوراة، ويجوز أن يكون من لقاء الله تعالى، ونظيره قوله تعالى: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ} (٤) وقد ذكر. {يَفْصِلُ} يميز الحق من الباطل، أو يحكم، وأهل اليمن يسمون القاضي المفتصل. وربما سموه فصيلا؛ فعيلا بمعنى فاعل.
{يَهْدِ لَهُمْ} يبين لهم كثرة إهلاكنا، {كَمْ أَهْلَكْنا} في موضع المفعول، ولا يكون فاعلا؛ لا تقول: لقيني كم رجل. {الْجُرُزِ} الأرض التي جرز نباتها، أي: قطع بحصاد أو رعي أو بآفة سماوية. وقيل: الغليظة. {فَنُخْرِجُ بِهِ} أي: بالماء في كل من الزرع.
{أَنْعامُهُمْ} من عصفه و {وَأَنْفُسُهُمْ} من حبه.
{وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٨) قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (٢٩) فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ (٣٠)}
(١) الآية (١٥).
(٢) رواه الطبري في تفسيره (٢١/ ١١٠).
(٣) رواه الطبري في تفسيره (٢١/ ١٠٧)، ونسبه السيوطي في الدر المنثور (٦/ ٥٥٣) لأبي الفرج الأصفهاني في كتاب الأغاني والواحدي وابن عدي وابن مردويه والخطيب وابن عساكر.
(٤) سورة يونس، الآية (٩٤).