الجلباب: ثوب فوق الخمار ودون الرداء، تديره المرأة على رأسها، ويبقى منه ما ترسله على صدرها. وعن ابن عباس: الرداء الذي يستر من أعلى البدن إلى أسفله، وقيل:
الملحفة وكل ما يؤتزر به من كساء وغيره؛ قال أبو زبيد: من الوافر:
مجلبب من سواد الليل جلبابا (١) ...
ومعنى: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ} يرخين ويغطين وجوهن وأعطافهن، يقال إذا تقلص الإزار عن وجه المرأة: أدني ثوبك على وجهك؛ وذلك أن النساء كن على عادتهن في الجاهلية مبتذلات؛ تبرز المرأة في درع وخمار ولا فصل بين الحرة والأمة، وكان الفتيان وأهل (١٩٨ /ب) الشطارة يتبعون النساء إذا خرجن بالليل، وإذا قضين حوائجهن في النخيل والغيطان والخربات يتبعون الإماء، وربما يتبعون الحرائر بعلة الأمة؛ يقولون: حسبناها أمة؛ فأمر الحرائر أن يتميزن عن هيئة الإماء بما يعرفن به. {ذلِكَ أَدْنى} أقرب وأجدر بأن يعرفن فلا يتعرضن لهن ولا يلقين ما يكرهن. فإن قلت: ما معنى" من "في قوله: {مِنْ جَلابِيبِهِنَّ؟} قلنا: المراد أن تستر ببعض الجلبات ما يخرجها عند حد ملابس الإماء. وقيل:
أن ترخي المرأة بعض جلبابها وفضله على وجهها تتقنع؛ حتى تتميز عن الأمة. وقال الكسائي: يتقنعن بملاحفهن مضمومة إليهن، أراد بالانضمام معنى الإدناء (٢). {وَكانَ اللهُ غَفُوراً} لما سلف منهن من التفريط قبل النهي.
{لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلاّ قَلِيلاً (٦٠) مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً (٦١)}
{لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} قوم كان فيهم ضعف إيمان وقلة ثبات.
وقيل: هم الزناة وأهل الفجور؛ من قوله عز وجل: {فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} (٣).
{وَالْمُرْجِفُونَ} قوم كانوا يقولون عن سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم قتلوا وأسروا؛ فيكسرون بذلك قلوب المؤمنين، يقال: أرجف بكذا إذا أخبر به من غير تحقيق، والمعنى:
لئن لم ينته المنافقون عن عداوتهم وكيدهم، والفسقة عن فجورهم، والمرجفون عما يقولون
(١) ينظر في: العين للخليل (٦/ ١٣٢)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٥٦٠)، لسان العرب (جلب).
(٢) ينظر: الكشاف للزمخشري (٣/ ٥٦٠).
(٣) سورة الأحزاب، الآية (٣٢).