المقاولة (١) وأما قول المستضعفين فلا جواب له.
والواو في {وَأَسَرُّوا} تعود إلى الجنس المشتمل على نوعي المستضعفين والمستكبرين.
تندم المضلون على ضلالهم وإضلالهم، وتندم الضالون على ضلالهم. قيل: {وَأَسَرُّوا} أظهروا. وقيل: أخفوا؛ مشترك بين الشيء وضده.
{فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا} فجاء بالصريح مبالغة.
{وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاّ قالَ مُتْرَفُوها إِنّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ (٣٤) وَقالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (٣٥) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٣٦) وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى إِلاّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ (٣٧) وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ (٣٨) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرّازِقِينَ (٣٩)}
{مُتْرَفُوها} أغنياؤها وكبراؤها الذين أترفتهم النعمة. هذه تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم أي:
إن الأنبياء قبلك كذبوهم قومهم كما كذبوك وأبطرتهم النعمة وقالوا: كثر الله أموالنا وأولادنا، ولو أراد بنا السوء لما فعل بنا ذلك. {وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ} أرادوا أنهم أكرم على الله عز وجل من أن يعذبهم؛ نظرا إلى أحوالهم في الدنيا، وقد أبطل الله عز وجل حسبانهم بأن الرزق فضل من الله يقسمه كيف يشاء على حسب ما يراه من المصالح. {وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى} (٢٠٤ /أ) وقدر الرزق: تضييقه.
{رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ} تارة ويقبضه أخرى؛ لما يعلمه من المصالح التي هو أعلم بها.
والأظهر أن {مَنْ آمَنَ} في موضع رفع؛ إلا إيمان من آمن. و "من": إما شرطية، وإما موصولة، ودخلت الفاء؛ لأن صلتها فعل، ويجوز أن يكون الاستثناء متصلا، ويكون الضمير في {أَمْوالُكُمْ} لجميع المؤمنين والكفار.
والزلفى: مصدر، ومعناه تقربكم قربى. {وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ} أن يكون حالا، والعامل فيه {آمَنَ} وكذلك قوله: {فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ} فيه الوجهان، والمعنى: أن
(١) الآية (٥٧).