{مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها} كالمشمش والتفاح وغيرهما، وقيل: {أَلْوانُها} الصفرة والحمرة والخضرة وغيرها. والجدد: الخطط والطرائق، وقد يكون للظبي جدتان مسكيتان تفصلان بين لوني ظهره وبطنه (٢٠٩ /أ).
{وَغَرابِيبُ} قيل: هي الجبال الطوال السود. فإن قلت: يقال: أخضر ناضر، وأصفر فاقع، وأسود حالك وغربيب، وأحمر قاني، فنرى التابع المؤكد متأخرا، وهاهنا وجد المؤكد متقدما؟ قلت: الوجه أن تجعل المؤكد متأخرا وتضمر قبل المؤكد ذكر اللون، ولا بد من تقدير مضاف تقديره: ومن الجبال ذوو جدد من بيض وحمر وسود؛ حتى يطابق قوله:
{ثَمَراتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوانُها وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها} أي: بعض مختلف ألوانه.
والمراد {الْعُلَماءُ} الذين يعلمون صفاته، وما يجب له وما يستحيل عليه، وفي الحديث:
"أعلمكم بالله أشدكم له خشية" (١).
وفي زيادة العلم بالله سبحانه زيادة الخوف من انتقامه. وقد أثّرت فيه الخشية حتى عرفت فيه. فإن قلت: هل يختلف المعنى بين تقديم المفعول على الفاعل وبين تأخيره؟
قلت: نعم، فإنك إذا قدّمت اسم الله وأخرت العلماء؛ كان المعنى: أن الذين يخشون الله من عباده هم العلماء دون غيرهم، وإذا عملت على العكس انقلب المعنى وصار تقديره: إنما يخاف الله العلماء. ووجه اتصال هذا الكلام بما قبله أنه لما سبق قوله: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً} فذكر ما يستدل به على عظيم قدرته أتبع ذلك قوله: {إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ} وعن النبي صلى الله عليه وسلم: "إني أرجو أن أكون أتقاكم لله وأشدكم له خشية" (٢). {يَتْلُونَ كِتابَ اللهِ} يداومون على تلاوته. وقيل: يتبعون ما فيه ويعملون به. وقيل: هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم {يَرْجُونَ} خبر "إن". والتجارة: طلب الثواب بالطاعة. وقوله: {لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ} متعلق ب {لَنْ تَبُورَ} وتقديره: تجارة تبقى وتنمى ليوفيهم بها، وإن شئت جعلت {يَرْجُونَ} في موضع الحال، أي: راجين أن يوفيهم وخبر "إن" {إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ} أي: غفور لهم شكور لعملهم.
(١) نسبه السيوطي في الدر المنثور (٥/ ٤٦٩) لعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن صالح أبي الخليل.
(٢) رواه مسلم رقم (١١١٠)، وأحمد في المسند (٢٤٥، ١٥٦، ٦/ ٦٧)، وأبو داود رقم (٢٣٨٩)، وابن حبان في صحيحه رقم (٣٤٩٢)، عن عائشة رضي الله عنها.