تفسير يس مكية
{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}
{يس (١) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (٢) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (٣) عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤)}
{يس} بالفتح ك" أين "وبالنصب بمعنى: اتل يس، وبالضم ك" منذ "، وبالرفع على هذه يس، وبالجر على حذف حرف القسم وإدغام النون في السين وإظهارها وإمالة (يا) وتفخيمها (١). وقيل: معناها: يا إنسان في لغة طيئ، وشك بعضهم في صحة الرواية بذلك عن لغة طيئ، ووجهه إن صح: أنه كان الأصل: يا أنيسين، فكثر دورانه على الألسنة، وحذف شطره وبقي يا سين.
{الْحَكِيمِ} ذي الحكمة، أو لأنه دليل ناطق بالحكمة، أو لأنه تنزيل من حكيم. {عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ} خبر بعد خبر، أو صلة للمرسلين. فإن قلت: قوله {عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ} خبرا كان أو صلة أي حاجة إليه والمرسلون لا يكونون إلا كذلك؟
قلت: ليس الغرض تمييز من هو على صراط مستقيم من الرسل عمن ليس كذلك؛ بل القصد الإعلام بأنه سالك طريقا لا يقدر قدرها، ولا يعرف مقدار عظمتها (٢١٠ /ب) والتنكير دال عليه.
{تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (٥) لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ فَهُمْ غافِلُونَ (٦) لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٧) إِنّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالاً فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (٨)}
وقرئ {تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ} بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، وبالنصب على أعني،
(١) قرأ جمهور القراء بسكون النون والإظهار مع الواو، وأدغم النون في الواو بعدها ابن كثير وأبو عمرو وحمزة وحفص وقالون وورش بخلاف عنه، وقرأ بالفتح ابن إسحاق بخلاف عنه وعيسى بن عمر عن الغنوي، وقرأ الكلبي بالضم، وقرأ ابن أبي إسحاق وأبو السمأل بالكسر، وأمال" يا "حمزة والكسائي وأبو بكر. تنظر في: الإملاء للعكبري (٢/ ٢٠١)، البحر المحيط لأبي حيان (٧/ ٣٢٣)، تفسير القرطبي (١٥/ ٣)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٤٧٤ - ٤٧٥)، السبعة (ص: ٥٣٨)، المحتسب (٢/ ٢٠٣)، المحرر الوجيز (١٣/ ١٨٦).