عن البعث؛ فليس هذا هو البعث الذي يراد به النوم في الدنيا؛ بل المراد به البعث الأكبر والحشر الأعظم.
{إِنْ كانَتْ إِلاّ صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ (٥٣) فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلا تُجْزَوْنَ إِلاّ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٥٤) إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ (٥٥)}
{إِنْ كانَتْ إِلاّ صَيْحَةً} قرئ برفعها وبنصبها (١).
{فِي شُغُلٍ} وأي شغل؟! وقيل: في شغل افتضاض الأبكار. وقيل: في سماع ضرب الأوتار. وقيل: في التزاور. وقيل: في ضيافة الله. وقيل: شغلهم عما فيه أهل النار التنعم بما هم فيه. وقيل: هم في شغل عن أهاليهم من أهل النار لا يهمهم أمرهم.
والفاكه والفكه: المتنعم، وسمي المزاح فكاهة؛ للتلذذ به، كما يتلذذ بالفاكهة. وقرئ {فاكِهُونَ} و {فاكِهُونَ} وقرئ {فاكِهِينَ} (٢) على أنه حال، والظرف مستقر.
{هُمْ} يجوز أن يكون مبتدأ، وأن يكون مؤكد للضمير في {شُغُلٍ} على أن أزواجهم يشاركون في ذلك الشغل، وفي التفكه والجلوس تحت الظلال.
{هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ (٥٦) لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ (٥٧) سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (٥٨) وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (٥٩) أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٦٠)}
والأريكة: هي السرير في الحجلة. {يَدَّعُونَ} يفتعلون من الدعاء؛ أي: يدعون لأنفسهم؛ كقولك: اشتوى واحتمل: إذا شوى وحمل لنفسه. وقيل: {يَدَّعُونَ} يتمنون؛
(١) قرأ جمهور القراء "صيحة واحدة" بالنصب، وقرأ أبو جعفر "صيحة واحدة" بالرفع.
تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٧/ ٣٣٢)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٤٨٠)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٣٢٦)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣٥٣).
(٢) قرأ جمهور القراء "فاكهون" وقرأ أبو جعفر والحسن وأبو حيوة وأبو رجاء وشيبة وقتادة ومجاهد "فكهون" وقرأ الأعمش وطلحة بن مصرف "فاكهين". تنظر القراءات في: البحر المحيط لأبي حيان (٧/ ٣٤٢)، تفسير القرطبي (١٥/ ٤٤)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٤٨٩)، فتح القدير للشوكاني (٤/ ٣٧٦)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٣٢٧)، معاني القرآن للفراء (٢/ ٣٨٠)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣٥٤).