{لِيُكَفِّرَ اللهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا} لأن إقدامهم على عصيان الله يجعل فعلهم شيئا قبيحا، وكذلك الحسنة؛ إذا أخلصها العبد تكون عند الله عظيمة الثواب. وأما تفصيلهم قسمين؛ فلأن الشيء بالتفصيل أبين وأوضح.
{بِكافٍ عَبْدَهُ} يريد النبي صلى الله عليه وسلم، ومن قرأ {عَبْدَهُ} (١) أراد الأنبياء أو المؤمنين.
{وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} من الأصنام. وقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالدا إلى العزى ليكسرها، فقال له سادنها: إني أحذركها يا خالد؛ إن لها شدة لا يقاومها شيء، فكسرها خالد، وهو يقول من الرجز:
يا عزّى كفرانك لا سبحانك ... إني رأيت الله قد أهانك (٢)
أو {بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} من سواه. وقوله: {بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقامٍ} وعيد لقريش ووعد للمؤمنين بأنه ينتقم لهم منهم. قرئ {كاشِفاتُ ضُرِّهِ} و {مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ} بالتنوين على الأصل (٢٣٢ /أ) وبالإضافة على التخفيف (٣).
وقوله: {هَلْ هُنَّ} والأنوثة محل العجز؛ فدل وصفهم بالأنوثة على العجز عن كشف الضر وجلب النفع.
{قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣٩) مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ (٤٠) إِنّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ لِلنّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (٤١) اللهُ يَتَوَفَّى}
(١) قرأ حمزة والكسائي وأبو جعفر وخلف "بكاف عباده" وقرأ بقية العشرة "عبده".
تنظر القراءات في: البحر المحيط لأبي حيان (٧/ ٤٢٩)، الحجة لابن خالويه (ص: ٣٠٩)، الحجة لأبي زرعة (ص: ٦٢٢)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ١٦)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٥٦٢)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٣٩٨)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣٦٢).
(٢) ذكر القصة الحافظ ابن كثير في تفسيره (٤/ ٢٥٥)، والزمخشري في الكشاف (٤/ ٤٢٢)، والهيثمي في مجمع الزوائد (٦/ ١٧٦) ونسبه للطبراني، وقال: ورجاله رجال الصحيح إلا أنه مرسل. ونسبه الزيلعي في تخريج أحاديث الكشاف للزمخشري (٣/ ٣٨٣) لابن مردويه في تفسير.
(٣) قرأ أبو عمرو ويعقوب "كاشفات ضره"، و "ممسكات رحمته"، وقرأ بقية العشرة "كاشفات ضره " و "ممسكات رحمته" بالإضافة. تنظر القراءات في: البحر المحيط لأبي حيان (٧/ ٤٣٠)، الحجة لابن خالويه (ص: ٣١٠)، الحجة لأبي زرعة (ص: ٦٢٣)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ١٨)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٥٦٢)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٣٩٩)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣٦٣).