{مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ (١٥) يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ لا يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلّهِ الْواحِدِ الْقَهّارِ (١٦) الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (١٧) وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ ما لِلظّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ (١٨)}
{يُرِيكُمْ آياتِهِ} من السحب والرياح وغيرها. والرزق: المطر {وَما يَتَذَكَّرُ} وما يتعظ إلا من يرجع إلى الله {فَادْعُوا اللهَ} أيها المنيبون إليه (٢٣٥ /ب) {مُخْلِصِينَ} من الشرك، وإن غاظ ذلك من ليس على مثل حالتكم.
{رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ} ثلاثة أخبار لمبتدأ محذوف أي: هو، أو مبتدآت خبرها محذوف، وهي مختلفة تعريفا وتنكيرا.
قال ابن جبير: سماء فوق سماء، والعرش فوقهن (١). ويجوز أن تكون عبارة عن رفيع شأنه وعظيم سلطانه. وقيل: هي درجات المتقين التي ينزلونها في الجنة.
قوله: {يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ} التي يراد بها الحياة؛ لأنها من عالم أمر الله، أو النور الذي يلقيه الله في قلب المتقين. قوله: {لِيُنْذِرَ} أي: الله سبحانه وتعالى، أو الملقى عليه وهو الرسول، أو إلى الروح. و {يَوْمَ التَّلاقِ} يوم القيامة؛ لأن الخلائق تلتقي فيه وقيل: يلتقي أهل السماء وأهل الأرض. وقيل: المعبود والعابد.
{بارِزُونَ} منكشفون لا يحجب عن أبصارهم شيء؛ لأن الأرض قاع صفصف، والمبعوثون عراة {لا يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ} أي: من أحوالهم وأعمالهم، والله تعالى ذكره لا يخفى عليه شيء سواء برزوا أو لم يبرزوا؛ لأنهم كانوا يتوهمون أنهم يستترون ويحتجبون عن نظر العيون؛ قال الله تعالى: {وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللهَ لا يَعْلَمُ} الآية (٢) ينادي يوم القيامة مناد: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ} فيجيبه أهل المحشر: {اللهُ الْواحِدُ الْقَهّارُ} وقيل: يجمع الله الناس يوم القيامة على أرض بيضاء كسبيكة الفضة لم يعص الله عليها فينادي المنادي بذلك، فيجيب الله نفسه: {اللهُ الْواحِدُ الْقَهّارُ}.
(١) ذكره الزمخشري في الكشاف (٤/ ١٥٦).
(٢) سورة فصلت، الآية (٢٢).