غير مقطوع. وقيل: غير ممنون به. {ذلِكَ} الذي قدر على خلق الأرض وما فيها في يومين هو {رَبُّ الْعالَمِينَ}.
{رَواسِيَ} جبالا ثابتة، ولو كانت الجبال تحتها كالعمد أو مركوزة فيها كالمسامير لمنعت الأرض الميد والحركة، وإنما اختار جعلها فوق الأرض؛ لتكون المنافع التي في الجبال حاضرة لمن يطلبها، والجبال أثقال على أثقال وكلها ممسوكة بقدرة الله.
{وَبارَكَ فِيها} وأكثر خيرها وأنماه {وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيّامٍ} كوامل لا نقص فيهن. قيل: خلق الله الأرض في يوم الأحد ويوم الاثنين، وخلق ما فيها في يوم الثلاثاء والأربعاء، وقال الزجاج: في تتمة أربعة أيام (١). قوله {لِلسّائِلِينَ} جواب لسائل قال: ما المدة التي خلقت فيها السماوات والأرض؟ وقوله: {فِي أَرْبَعَةِ أَيّامٍ} يفيد فائدة وهي أن أكثر الأربعة قد يطلق عليه الأربعة، فإذا قال: {أَرْبَعَةِ أَيّامٍ}. امتنع النقص والزيادة فيها.
{ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ} ثم قصد إلى خلقها من غير أن يخلق فيما بينها وبين الأرض شيئا آخر ونحوه قوله: {فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ} أي: اقصدوا عبادته من غير اعوجاج، ومعنى أمر السماوات والأرض بالإتيان تكونهما على ما أراد، وكانتا في ذلك كالمأمور المطيع إذا ورد عليه أمر الآمر المطاع، والغرض سرعة امتثال ما أراد من غير تأخر ولا اعتذار؛ فقال لهما:
{اِئْتِيا طَوْعاً} وإلا أتيت بكما كرها.
{قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ} وليس هناك خطاب ولا قول؛ قال في المثل: قال الجدار للوتد: لم تشقني؟ قال: سل من يدقني (٢) (٢٤١ /أ) ويحتمل: وافقا أمري ومشيئتي، ولا تمتنعا
قوله: {طَوْعاً أَوْ كَرْهاً} انتصابهما على الحال؛ طائعتين أو مكرهتين، وإنما قال:
{طائِعِينَ} ولم يقل: طائعات أو طائعتين؛ لأنه أخبر عنهما بالطوع وهو صفة من يعقل
{فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَحِفْظاً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (١٢) فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ (١٣) إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ قالُوا لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً فَإِنّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ (١٤)}
(١) ينظر: معاني القرآن وإعرابه للزجاج (٤/ ٣٨٣).
(٢) ينظر في: الكشاف للزمخشري (٤/ ١٨٩).