{بِمُعْجِزِينَ} بفائتين ما قضى عليكم. {مِنْ وَلِيٍّ} متول لأمركم. {الْجَوارِ} السفن وقولهم: الجوار بضم الراء كقولهم: الباز الأشهب. {كَالْأَعْلامِ} كالجبال؛ قالت الخنساء (٢٤٧ /أمن البسيط):
... كأنه علم في رأسه نار (١)
{رَواكِدَ} ثوابت لا تجري. {عَلى ظَهْرِهِ} أي: على ظهر البحر. {لِكُلِّ صَبّارٍ} على البلاء {شَكُورٍ} على النعماء. {يُسْكِنِ الرِّيحَ} تركد المراكب على ظهر البحر ويرسل الريح عاصفة فيغرقهن، فإن قلت: علام عطف قوله: {يُوبِقْهُنَّ؟}
قلت: على. {يُسْكِنِ} والمعنى: إن يشأ يسكن الريح فيركدن، أو يعصفها فيغرقن بعصفها. وإن قلت: فلم جزم {أَوْ يُوبِقْهُنَّ؟} قلت: لأن المعنى: إن يشأ يسكن أو يوبق. وإن قلت: فما موجب الحركات الثلاث في {وَيَعْلَمَ؟} قلت: أما الجزم فعلى ظاهر العطف، وأما الرفع فعلى الاستئناف، وأما النصب (٢) فللعطف على منصوب محذوف، والتقدير: لينتقم منهم، ويعلم الذين يجادلون.
وأما قول الزجاج (٣): النصب على إضمار "أن" لأن قبلها جزاء، تقول: ما تصنع أن أصنع مثله وأكرمك، وإن شئت: أكرمك؛ على: وأنا أكرمك، وإن شئت: وأكرمك جزما ففيه نظر ما أورده سيبويه في كتابه (٤): واعلم أن النصب بالفاء والواو في قوله: إن تأتني آتك، وأعطيك ضعيف، وهو نحو قوله من الوافر:
سأترك منزلي ببني تميم ... وألحق بالحجاز فأستريحا (٥)
(١) هذا عجز بيت للخنساء في مدح أخيها صخر، وصدره:
أغر أبلج تأتم الهداة به ... ينظر في: تاريخ مدينة دمشق لأبي القاسم بن هبة الله الشافعي (٥٣/ ٤٤١)، تفسير ابن جرير الطبري (٢٥/ ٣٣)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٢٢٦)، معجم البلدان لياقوت الحموي (٥/ ٤٣٢).
(٢) قرأ نافع وابن عامر بالرفع، وقرأ عاصم وأبو عمرو وابن كثير وحمزة والكسائي بالنصب وقرئ بالجزم. تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٧/ ٥٢١)، الحجة لابن خالويه (ص: ٣١٨)، الحجة لأبي علي الفارسي (٦/ ١٢٨)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٨٣)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٥٨١)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٤٧٢)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣٦٧).
(٣) ينظر: معاني القرآن وإعرابه للزجاج (٤/ ٣٩٩).
(٤) ينظر: الكتاب لسيبويه (٣/ ٣٩).
(٥) البيت للمغيرة بن حبناء، ينظر في: خزانة الأدب لعبد القادر البغدادي (٨/ ٥٥٢)، الدرر اللوامع -