أثرٌ حسنٌ. وننشد:
ضَعِيفُ العَصَا بَادِي الْعُرُوقِ تَرَي لَهُ … عَلَيْهَا إِذَا ما أَجْدَبَ النَّاسُ إِصْبَعًا (١)
أي: أثرًا حسنًا، وكَنَّي بِضَعْفِ العصا عن قلة ضربه للمواشي شفقةً عليها.
وقوله: "بَادِي الْعُرُوقِ" أي: بدت عروقه من التَّعب وكثرة التردد في رعيها.
وقوله ﷺ: "بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ" اختلف المئولون فيه بحسب اختلاف معنى الأصبع:
فقال قائلون: هو كناية عن غاية القوة والاستيلاء، يعني: إن القلوب في قبضته نافذة عليها قدرته، يقال: فلان في يد فلان، وبين أصبعيه أي: يقلبه كيف يشاء؛ وذلك لأنَّ أقدر ما يكون الرجل على الشيء إذا كان في يديه وبين أصابعه؛ لسهولة تحريك الأصابع للطفها لا كتحريك اليد من الساعد أو من العضد؛ ولأن البطش التام في الأصابع دون الكف وما فوقها.
واعلم أنَّ قدرة الله تعالى واحدة، والتثنية والجمع في الحديث على هذا راجعان إلى أنَّ تلك القدرة تتعلق بكل مقدور فتعمل عمل القُدَر المتعددة.
وقال آخرون: "بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ" أي: بين نعمتين وأثرين من آثار صنعه، وجعل بعضهم قوله: "إِنْ شَاءَ أَنْ يُقِيمَهُ أَقَامَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُزِيغَهُ أَزَاغَهُ" تفسيرًا للأصبعين (٢).
(١) البيت من الطويل وهو للأصمعي، انظر "الصحاح"، "لسان العرب"، "تاج العروس" (صبع).
(٢) في كلام المؤلف تأويل لصفة أصبع الله تعالى، وأهل السنة يثبتون صفات الله تعالى من غير تأويل ولا تكييف ولا تعطيل ولا تشبيه، قال تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾.