هذا إلى خير وهذا إلى آخر، وفي تجاذب شيطانين أو ملك وشيطان، ولسرعة تقلبه كان رسول الله ﷺ يقول في حلفه: "لَا وَمُقَلِّبُ الْقُلُوبِ" (١).
وَيُرْوَى أَنَّه ﷺ قَالَ: "مَثَلُ الْقَلْبِ فِي تَقَلُّبِهِ مَثَلُ الْقِدْرِ إِذَا اسْتَجْمَعَتْ غَلَيَانًا" (٢).
وعَن أَبِي مُوسَى الأَشْعَريِّ عَنِ النَّبِيّ ﷺ: "إِنَّ مَثَلُ الْقَلْبِ كَرِيشَةٍ بِأَرْضِ فَلَاةٍ تُقَلِّبُهَا الرِّيَاحُ ظَهْرًا لِبَطْنٍ" (٣).
وقوله: "وَالْمِيزَانُ بِيَدِ الرَّحْمَنِ" الميزان أصله مِوْزَان قلبت الواو ياءً لكسر ما قبلها كميلاد وميعاد.
واليدُ أصلها يدي لسكون عينها، والجمع أيدٍ كفلسٍ وأفلس، ومنهم من يقول في يد: يَدّي كرحًى، ويقول في تثنيتها: يديان.
ولليد الجارحة المعلومة معان في "الغريبين" اليد: النعمة، واليد: القدرة والقوة، واليد: الملك، واليد: الطاعة والاستسلام، ومنه قول عثمان لعمار ﵄: "هذه يدي لعمار" (٤) أي: أنا مستسلمٌ له منقادٌ، واليد: الحفظ والوقاية.
ومعنى قوله: "الْمِيزَانُ بِيَدِ الرَّحْمَنِ" أنه الذي يمنح القلوب الأخلاق والجسوم الأعمال، ويمنعها من شاء، وهو القابض الباسط في مقاديرها فيزيد وينقص كما
(١) رواه البخاري (٦٦١٧) من حديث ابن عمر.
(٢) رواه أحمد (٦/ ٤)، والحاكم (٢/ ٣١٧) بنحوه من حديث المقداد بن الأسود.
وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (٥١٤٧).
(٣) رواه ابن ماجه (٨٨)، وأحمد (٤/ ٤١٩)، والبيهقي في "الشعب" (٧٥٣)، وليس عند ابن ماجه: "ظَهْرًا لِبَطْنٍ" وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (٥٨٣٣).
(٤) رواه ابن أبي شيبة (٧/ ٥٢١) ضمن حديث.