رَأَى رسول الله ﷺ في بَعْضِ أَسْفَارِهِ رَجُلًا ازْدَحَمَ عَلَيْهِ نَاسٌ يَرُشُّونَ عليه الْمَاءَ وقد ظَلَّلُوا فَوْقَهُ، فَسَأَلَ عَنْهُ فَقِيلَ: إِنَّهُ صَائِمٌ.
فَقَالَ: "إن الله غَنِيٌّ عن تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ إِنَّ الله يُحِبُّ أن تُؤْتَي رُخَصَهُ (١).
والأمرُ المهمُّ أن يكون العبد مصروف الهمِّ إلى الله تعالي مشغول القلب به، فأما البدن فيستعمل في العبادة تارة ويرفَّهُ فيما أحلّ ورخّص فيه أخرى.
أَنَبَا محمد بن أبي طالب الْبَصِيرُ، أَنَبَا إسماعيل بن محمد، ثنا سَعْدُ بن الْحَسَنِ، أَنَبَا أبو الْقَاسِمِ الْبَزَّارُ، أَنَبَا محمد بن يَحْيَي، ثنا الْحَسَنُ (الخشاب) (٢) ثَنَا هَارُونُ بن عبد الله، ثَنَا سَيَّارٌ، عن جَعْفَرٍ، عن الْجُرَيْرِيِّ، عن أبي عُثْمَانَ، عن حَنْظَلَةَ الْأُسَيِّدِيِّ أَنَّهُ مَرَّ بأبي بكر ﵄ وَهُوَ يَبْكِي، فَقَالَ: ما لك يا حَنْظَلَةُ؟
قَالَ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ يا أبا بكر نَكُونُ عند رسول الله ﷺ يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ كأنا نُعَايِنُهَا، فإذا رَجَعْنَا عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالضَّيْعَةِ وَنَسِينَا كَثِيرًا.
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ ﵁: والله إِنَّا (لَنَلْقَى) (٣) ذلك، انْطَلِقْ بنا إلى رسول الله ﷺ فَانْطَلَقْنَا فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ.
فقال له رسول الله ﷺ: "لَوْ تَدُومُونَ على الحال الَّتِي تَقُومُونَ بها من عندي لَصَافَحَتْكُمُ المَلَائِكَةُ في مَجَالِسِكُمْ وعلى فُرُشِكُمْ، ولكن يا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً سَاعَةً وَسَاعَةً سَاعَةً وَسَاعَةً" (٤).
(١) رواه البخاري (١٩٤٦)، ومسلم (١١١٥) من حديث جابر بن عبد الله بنحوه. ووقع في س: يؤتي برخصه.
(٢) في د: بن الحباب.
(٣) في س، د: سنلقي. والمثبت من مصادر التخريج.
(٤) رواه مسلم (٢٧٥٠)، والترمذي (٢٥١٤).