منهم سَبْعُونَ رَجُلًا، اسْتَشَارَ رسول الله ﷺ أبا بكر وَعَلِيًّا وَعُمَرَ.
فَقَالَ أبو بكر: يا نَبِيَّ الله هؤلاء بنو الْعَمِّ وَالْعَشِيرَةُ وَالِإخْوَانُ وَإِنِّي أرى أن تَأْخُذَ منهم الْفِدْيَةَ فَيَكُونُ ما أَخَذْنَا منهم قُوَّةٌ لنا على الْكُفَّارِ، وَعَسَى الله أن يَهْدِيَهُمْ فَيَكُونُونَ لنا عَضُدًا
فقال رسول الله ﷺ: "مَا تَرَى يا ابن الخَطَّابِ؟ ".
قال: قُلْتُ: والله ما أَرَى ما رَأَى أبو بكر ولكني أرى أن تُمَكَّنَنِي من فُلَانٍ قَرِيبًا لِعُمَرَ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ، وَتُمَكِّنَ عَلِيًّا من عَقِيلٍ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ، وَتُمَكِّنَ حَمْزَةَ من فُلَانٍ أَخِيهِ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ؛ حتى يَعْلَمَ الله أنه لَيْسَتْ في قُلُوبِنَا هَوَادَةُ لِلْمُشْرِكِينَ هؤلاء صَنَادِيدُهُمْ وَأَئِمَّتُهُمْ وَقَادَتُهُمْ.
فَهَوِيَ رسول الله ﷺ ما قال أبو بكر ولم يَهْوَ ما قُلْتُ فَأَخَذَ منهم الْفِدَاءَ.
فَلَمَّا كان من الْغَدِ قال عُمَرُ: غَدَوْتُ إلى النبي ﷺ فإذا هو قَاعِدٌ وأبو بكر يَبْكِيَانِ فَقُلْتُ: يا رسول الله أَخْبِرْنِي ماذا يُبْكِيكَ أنت وَصَاحِبَكَ فإن وَجَدْتُ بُكَاءٌ بَكَيْتُ وإن لم أَجِدْ بُكَاءٌ تَبَاكَيْتُ لِبُكَائِكُمَا.
قال (فَقَالَ) (١) النبي ﷺ: "أَبْكِي للَّذِي عَرَضَ عَلَيَّ أَصْحَابُكَ من الْفِدَاءِ، لقد عُرِضَ عَلَيَّ عَذَابُكُمْ أَدْنَي من هذه الشَّجَرَةِ لِشَجَرَةٍ قَرِيبَةٍ، وَأَنْزَلَ الله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ … ﴾ (الأنفال: ٦٧ - ٦٨) الآيات (٢)
في الشرح فصول
(١) ليست في س، د. وأثبتها من "المسند".
(٢) "مسند أحمد" (١/ ٣٠، ٣٢) كما رواه من طريقه الرافعي.