وقيل للراية التي ينصبها العسكر ليفزعوا إليها تسمى أمًّا كأنَّه للتشبيه بالوالدة التي يفزع إليها الصبي، فسميت الفاتحة أم القرآن؛ لأن أهل القرآن يفزعون إليها.
وقيل: إنَّ القارئَ يعودُ إليها مرَّة بعد أخرى في الصلاة والاستشفاء واستنجاح سائر الحاجات، فَسُمِّيت أمًّا كما تُسمى الأرضُ أمًّا؛ لأنها معاد الخلق في حياتهم وبعد مماتهم. قال أمية بن أبي الصلت: كامل
وَالْأَرْضُ مَعْقِلُنَا وَكَانَتْ أُمَّنَا … فِيهَا مَقَابِرُنَا وَفِيهَا نُولَدُ
وَقَوْلُه: "فَهِيَ خِدَاجٌ فَهِيَ خِدَاجٌ" تكرار اللفظ للتأكيد، وَقَوْلُه: "غَيْرُ تَمَامٍ" تفسير ومزيد تأكيد، ولما كانت المخدج عبارة عن ناقص اليد أو سائر الأعضاء التي هي أجزاء البدن أشعر اللفظ بأن قراءة الفاتحة أحد الأركان التي هي أجزاء الصلاة.
وَقَوْلُه: "إِنِّي أَكُونُ أَحْيَانًا وَرَاءَ الْإِمَامِ" يعني: إذا كنت خلف الإمام كيف أفعل أقرأ أم يكفيني قراءة الإمام، وأشار به إلى قول من يقول إن المأموم لا يقرأ، ويُحْتَجُّ بِمَا رُوِيَ أَنَّه ﷺ قال: "مَنْ كَانَ لَهُ إِمَامٌ فَقِرَاءَةُ الإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ" (١).
وَقَوْلُه: "فَغَمَزَ ذِرَاعِي" هو كَالرِّفق والتَّلَطُّفِ بِهِ أو كالتسكيت له ليصغي إلى
(١) رواه جابر، وابن عمر، وأبو سعيد الخدري، وأبي هريرة ﵃.
أما حديث جابر فرواه ابن ماجه (٨٥٠)، وأحمد (٣/ ٣٣٩)، والبيهقي (٢/ ١٦٠)، والدارقطني (٣/ ٣٣٦، ٤/ ١٧٩) من طرقٍ معلولةٍ عن جابر ﵁ أعلها الدارقطني والبيهقي وغيرهما.
وقال الحافظ في "فتح الباري" (٢/ ٢٤٢): حديث ضعيف عند الحفاظ وقد استوعب طرقه وعلله الدارقطني.