وَنُسْلِمُهُ حَتَّى نُصَرَّعَ حَوْلَهُ … وَنَذْهَلَ عَنْ أَبْنَائِنَا وَالْحَلَائِلِ
وَيَنْهَضُ قَوْمٌ نَحْوَكُمْ غَيرَ عُزَّلٍ … بِبِيضٍ حَدِيثٍ عَهْدُهَا بِالصَّقَائِلِ
وَأَبْيَضَ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ … ثِمَالَ الْيَتَامَي عِصْمَةً لِلأرَامِلِ
يُبْزَي أي: يقهر ويغلب، والمعنى أنَّه لا يُبْزَي بلا طعان ولا نضال، ولا نسلمه حتي نُصَرَّعُ. والعزل: جمع أَعْزَلٍ وهو الذي لا سلاح معه.
و "ثِمَالُ القوم": غياثهم وملجأهم.
ومع ذلك لم يُرزق الاهتداء، ويروى أنَّ عليًّا ﵁ كان يصلي مع النَّبِيِّ ﷺ ابتداء الحال وهما يُخْفِيَانِ عبادتهما من أبي طالب، فعثر عليهما يوما فقال: ما هذا الذي أرى؟ فقال النَّبِيُّ ﷺ: "يا عم هذا دينُ الله دينٌ لأبينا إبراهيم ﵇ وبهذا بُعِثْتُ، وأنت يا عم أحق من بَذَلْتُ له النصيحة". فقال: إني لا أستطيع أن أُفَارِقَ دين آبَائِي (١).
وفي "الصحيحين" (٢) من رواية سعيد بن المُسَيَّبِ، عن أبيه المُسَيَّبِ بْنِ حَزْنٍ قال: حضرت أبا طالب الوفاة فجاء رسول الله ﷺ فوجد عنده أبا جهل وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة فقال: "أي عَمِّ قل لا إله إلا الله كلمة أُحَاجُّ لك بها عند الله". فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: ترغب عن ملة عبد المطلب، فلم يزل رسول الله ﷺ يعرضها عليه وَيَعُودَانِ بتلك المقالة حتى قال أبو طالب آخر ما كَلَّمَهُمْ: أنا على ملة عبد المطلب وَأَبَى أن يقول لا إله إلا الله.
(١) ذكره ابن إسحاق عن بعض أهل العلم، انظر "سيرة ابن هشام" (٢/ ١٠٢)، "تاريخ الطبري" (١/ ٥٣٩)
(٢) "صحيح البخاري" (١٣٦٠)، "صحيح مسلم" (٢٤/ ٣٩).