وسمع الحديث من طِرَادِ بن محمد الزَّيْنَبِيِّ، وابن الْبَطِرِ، وغيرهما، وحَصَّل الأدب على أبي زكريا التبريزي.
تُوفي سنة إحدى وأربعين وخمسمائة، وسمع والدي منه الكثير، وكان ﵀ غلب عليه في آخر عمره ما يغلب على (المشتاقين) (١) وكنت أتولى خدمته في مرض وفاته، ودعا لي بالسعادة غير مرَّةٍ فيه، وأرجو أن يستجيب الله دعاءه، وكان كثيرًا ما ينشد في تلك المرضة ﵀: خفيف
أَنَا إِنْ مِتُّ فَالْهَوَى حَشْوُ قَلْبِي … وَبِدَاءِ الْهَوَى تَمُوتُ الْكِرَامُ
ويروى هذا البيت في مثل تلك الحالة عن أبي الحسين التَّوزِيِّ أو غيره.
الفصل الثاني
"الْغَارُ" الْكَهْفُ في الْجَبَلِ، وإن شئت قلت: النَّقْبُ العظيم فيه، والجمع: الغِيْرَان، وتصغيره "غُوَيْرٌ" ويقال للغار: مُغَارٌ ومَغَارَةٌ أيضًا، ويقال: إنَّ أصلَ الكلمة: الاِطمئنانُ في الأرض والبعدُ فيها، والغَوْرُ: الأرضُ المطمئنةُ، وَقَعْرُ كُلِّ شَيْءٍ: غَوْرُهُ، ويقال للفم والفرج: الغَارَان، والغَارُ في غير هذا الجيش، وأيضًا ضربٌ من الشَّجَرِ، وأيضًا الغيرة.
وقوله: "مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ" اثنان من عدد المذكر، واثنتان للمؤنث والألف فيها ألف وصل، وقد يقطعهما الشاعر كما قال:
أَلَا لَا أَرَى إِثْنَيْنِ أَحْسَنَ شِيمَةً … عَلَى حَدَثَانِ الدَّهْرِ مِنِّي وَمِنْ جُمْلِ (٢)
(١) في د: المسافر.
(٢) البيت من الطويل، وهو لجميل، انظر: "صبح الأعشى" (٢/ ٣٠١)، "لسان العرب"، "تاج العروس" (ثني).