وكان يَتَوَرَّعُ عن الفتوى احتياطًا ويسمع الحديث بعدما طعن في السِّنِّ حتى من أقرانه، ويسمع الأحداث.
وكان حسنَ الْخُلُقِ، طيِّبَ النَّفسِ، مُحسنًا إلى الفقهاء والضعفاء، نَقيًّا عن المطامعِ الفاسدةِ، رقيقَ القلبِ، وربما بكي وصرخ في مجامع الناس لفكرٍ يعتريه.
توفي في ذي القعدة سنة خمس وثمانين وخمسمائة (١).
الفصل الثاني
"الرَّحْمَةُ" الرِّقَّةُ والتَّعَطُّفُ، والمَرْحَمَةُ والرُّحْمُ كذلك، يقال: رَحِمَهُ رَحْمَةً ورُحْمًا، وقد يحرك الرُّحْم كَعُسْرٍ وعُسُر، ويقال: تَرَحَّم عليه، وَتَراحَمَ القوم: رَحِمَ بعضُهم بعضًا، والرَّحَمُوتُ من الرَّحْمَةِ، ورجل مَرْحُومٌ ومُرَحَّمٌ، وفلان رَاحِمٌ، والرحيم أبلغ منه، والرَّحْمَنُ أَبْلَغُ مِنَ الرَّحِيمِ، ويقال: هما بمعنى واحد كندمان ونديم، والرحمن اسم مخصوص بالله تعالى، وكان يقال لمسيلمة الكذاب: رَحْمَنُ اليمامة بالإضافة، وجمع الرَّحِيْمِ: الرُّحَمَاء والرَّحِيْمُون.
قال أبو منصورٍ الْجَبَّانُ: ولا تعرض لجمع الرحمن؛ لأنه لا يوصف به إلا رب العالمين، ولو كان يجري مجرى العطشان لقيل في الجمع: رِحَامُ كعطاش، أو رَحامي كسكارى.
وقد يجيء الرَّحِيمُ بمعنى المَرْحُوم، قال الشاعر:
فَإِمَّا إِذَا عَضَّتْ بِكَ الحَرْبُ عَضَّةً … فَإِنَّكَ مَعْطُوْفٌ عَلَيْكَ رَحِيمُ (٢)
(١) انظر "التدوين في أخبار قزوين" (٣/ ٢٣٣).
(٢) البيت من الطويل، وهو لعَملَّس بن عَقيل، انظر "محاضرات الأدباء" (١/ ١٦٥)، "ديوان الحماسة" (٢/ ١٧٦)، "الصحاح"، "لسان العرب"، "تاج العروس" (رحم).