﵀. توفي سنة تسع وثلاثين وخمسمائة في ذي القعدة (١).
ووالدي (٢) ﵀ كان جيِّدَ الحفظِ، سمعته صبيحة بعض الأيام يقول:
سهرت البارحة فَأَجَّلْتُ الفكر فيما أحفظه من الأبيات المفردة والمقطعات فبلغ آلافًا ذكر عددًا كثيرًا.
ورأيت بِخَطِّهِ على ظهر بعض تعاليقه: سمعت أبا منصور بن الرزاز يقول: سئل بعضهم: ألك مال؟
قال: لا، فِيَّ قناعة أستر بها خلتي، وتدبير أُكَثِّرُ به القليل، وصبر أُزَجِّي به الأيام.
الفصل الثاني
"الْخُطْبَةُ" اسْمٌ وَمَصْدَرٌ، يُقَالُ: خَطَبَ على الْمِنْبَرِ خُطْبَةً واخْتَطَبَ مثله، وخَطَبَ خَطَابَةً صَارَ خَطِيبًا.
و "الْحَمْدُ" نَقِيضُ الذَّمِّ، يُقَالُ: حَمِدْتُ الرَّجُلَ أَحْمَدُهُ فَهُوَ حَمِيْدٌ ومَحْمُودٌ، وَرَجُلٌ حُمَدَةٌ إِذَا كان يُكْثِرُ حَمْدَ الْأَشْيَاءِ وَيَصِفُهَا بِأَكْثَرَ مِمَّا فِيهَا، وأَحْمَدْتُهُ: وَجَدْتُهُ مَحْمُودًا، وَالتَّحِمْيدُ تَفْعِيلٌ من الْحَمْدِ، والْمُحَمَّدُ: من اجْتَمَعَتْ فيه الْخِصَالُ الْمَحْمُودَةُ وَاسْتَحَقَّ الحمد بها، وَصَارَ ذلك اسْمُ رسول الله ﷺ لِتَنَاهِيهِ فيها، وَالْجَمْعُ: المُحَمَّدُونَ والمَحَامِدُ وَالمَحَامِيدُ، وقولهم: حَمَادِ لفلان أي: حَمْدًا له، بُنِيَ لأنه مَعْدُولٌ عن الْمَصْدَرِ، وَحُمَادَاكَ أن تَفْعَلَ كذا أي: قُصَارَاكَ وَغَايَتُكَ الْمَحْمُودَةُ.
وَيُقَال: اسْتَعَانَهُ وَاسْتَعَانَ بِهِ، وَوَرَدَ بِهِمَا الْقُرْآنُ؛ قال الله تعالى: ﴿وَإِيَّاكَ
(١) انظر "سير أعلام النبلاء" (٢٠/ ١٦٩).
(٢) سبقت ترجمته في المجلس الأول.