وَلا تَهِنُوا ولا تضعفوا. فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ في طلب الكفار بالقتال. إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ إلزام لهم وتقريع على التواني فيه، بأن ضرر القتال دائر بين الفريقين غير مختص بهم، وهم يرجون من الله بسببه من إظهار الدين واستحقاق الثروات ما لا يرجو عدوهم، فينبغي أن يكونوا أرغب منهم في الحرب وأصبر عليها. وقرئ «إِن تَكُونُواْ» بالفتح بمعنى ولا تهنوا لأن تكونوا تألمون، ويكون قوله فإنهم يألمون علة للنهي عن الوهن لأجله. والآية نزلت في بدر الصغرى. وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً بأعمالكم وضمائركم. حَكِيماً فيما يأمر وينهي.
سورة النساء (4) : الآيات 105 الى 106إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً (105) وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (106)
إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ نزلت في طعمة بن أبيرق من بني ظفر، سرق درعا من جارهُ قتادة بن النعمان في جراب دقيق، فجعل الدقيق ينتثر من خرق فيه وخبأها عند زيد بن السمين اليهودي، فالتمست الدرع عند طعمة فلم توجد، وحلف ما أخذها وماله بها علم فتركوه واتبعوا أثر الدقيق حتى انتهى إلى منزل اليهودي فأخذوها. فقال دفعها إلى طعمة وشهد له ناس من اليهود فقالت بنو ظفر:
انطلقوا بنا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فسألوه أن يجادل عن صاحبهم وقالوا: إن لم تفعل هلك وافتضح وبرئ اليهودي فهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يفعل بِما أَراكَ اللَّهُ بما عرفك الله وأوحى به إليك وليس من الرؤية بمعنى العلم وإلا لاستدعى ثلاثة مفاعيل. وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ أي لأجلهم والذب عنهم خَصِيماً للبرآء.
وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ مما هممت به. إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً لمن يستغفره.
سورة النساء (4) : الآيات 107 الى 108وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَنْ كانَ خَوَّاناً أَثِيماً (107) يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ وَكانَ اللَّهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطاً (108)
وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ
يخونونها فإن وبال خيانتهم يعود عليها، أو جعل المعصية خيانة لها كما جعلت ظلماً عليها، والضمير لطعمة وأمثاله أو له ولقومه فإنهم شاركوه في الإِثم حيث شهدوا على براءته وخاصموا عنه. إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَنْ كانَ خَوَّاناً
مبالغاً في الخيانة مصراً عليها. أَثِيماً
منهمكاً فيها.
روي: أن طعمة هرب إلى مكة وارتد ونقب حائطاً بها ليسرق أهله فسقط الحائط عليه فقتله.
يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ
يستترون منهم حياء وخوفاً. وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ
ولا يستحيون منه وهو أحق بأن يستحيا ويخاف منه. وَهُوَ مَعَهُمْ
لا يخفي عليه سرهم فلا طريق معه إلا ترك ما يستقبحه ويؤاخذ عليه. إِذْ يُبَيِّتُونَ
يدبرون ويزورون. مَا لاَ يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ
من رمي البريء والحلف الكاذب وشهادة الزور. وَكانَ اللَّهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطاً
. لا يفوت عنه شيء.
سورة النساء (4) : الآيات 109 الى 110ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا فَمَنْ يُجادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً (109) وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً (110)
هَا أَنْتُمْ هؤُلاءِ
مبتدأ وخبر. جادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا
جملة مبينة لوقوع أولاء خبراً أو صلة عند من يجعله موصولاً. فَمَنْ يُجادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا
محامياً يحميهم من عذاب الله.