مَجْذُوذٍ
غير مقطوع، وهو تصريح بأن الثواب لا ينقطع وتنبيه على أن المراد من الاستثناء في الثواب ليس الانقطاع، ولأجله فرق بين الثواب والعقاب بالتأبيد. وقرأ حمزة والكسائي وحفص سُعِدُوا على البناء للمفعول من سعده الله بمعنى أسعده، وعَطاءً نصب على المصدر المؤكد أي أعطوا عطاء أو الحال من الجنة.
سورة هود (11) : آية 109فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هؤُلاءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ كَما يَعْبُدُ آباؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ (109)
فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ شك بعد ما أنزل عليك من مآل أمر الناس. مِمَّا يَعْبُدُ هؤُلاءِ من عبادة هؤلاء المشركين في أنها ضلال مؤد إلى مثل ما حل بمن قبلهم ممن قصصت عليك سوء عاقبة عبادتهم، أو من حال ما يعبدونه في أنه يضر ولا ينفع. مَا يَعْبُدُونَ إِلَّا كَما يَعْبُدُ آباؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ استئناف معناه تعليل النهي عن المرية أي هم وآباؤهم سواء في الشرك، أي ما يعبدون عبادة إلا كعبادة آبائهم أو ما يعبدون شيئاً إلا مثل ما عبدوه من الأوثان، وقد بلغك ما لحق آباءهم من ذلك فسيلحقهم مثله، لأن التماثل في الأسباب يقتضي التماثل في المسببات، ومعنى كَما يَعْبُدُ كما كان يعبد فحذف للدلالة من قبل عليه. وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ حظهم من العذاب كآبائهم، أو من الرزق فيكون عذراً لتأخير العذاب عنهم مع قيام ما يوجبه.
غَيْرَ مَنْقُوصٍ حال من النصيب لتقييد التوفية فإنك تقول: وفيته حقه وتريد به وفاء بعضه ولو مجازا.
سورة هود (11) : الآيات 110 الى 111وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (110) وَإِنَّ كُلاًّ لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ إِنَّهُ بِما يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (111)
وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ فآمن به قوم وكفر به قوم كما اختلف هؤلاء في القرآن. وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ يعني كلمة الإِنظار إلى يوم القيامة. لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بإنزال ما يستحقه المبطل ليتميز به عن المحق. وَإِنَّهُمْ وإن كفار قومك. لَفِي شَكٍّ مِنْهُ من القرآن. مُرِيبٍ موقع في الريبة.
وَإِنَّ كُلًّا وإن كل المختلفين المؤمنين منهم والكافرين، والتنوين بدل من المضاف إليه. وقرأ ابن كثير ونافع وأبو بكر بالتخفيف مع الإِعمال اعتباراً للأصل. لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ اللام الأولى موطئة لقسم والثانية للتأكيد أو بالعكس وما مزيدة بينهما للفصل. وقرأ ابن عامر وعاصم وحمزة لَمَّا بالتشديد على أن أصله لمن ما فقلبت النون ميماً للادغام، فاجتمعت ثلاث ميمات فحذفت أولاهن، والمعنى لمن الذين يوفينهم ربك جزاء أعمالهم. وقرئ لما بالتنوين أي جميعاً كقوله: أَكْلًا لَمًّا وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا على إن إِنْ نافية ولَمَّا بمعنى إلا وقد قرئ به. إِنَّهُ بِما يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فلا يفوته شيء منه وإن خفي.
سورة هود (11) : آية 112فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَمَنْ تابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (112)
فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ لما بين أمر المختلفين في التوحيد والنبوة، وأطنب في شرح الوعد والوعيد أمر رسوله صلّى الله عليه وسلّم بالاستقامة مثل ما أمر بها وهي شاملة للاستقامة في العقائد كالتوسط بين التشبيه والتعطيل بحيث يبقى العقل مصوناً من الطرفين، والأعمال من تبليغ الوحي وبيان الشرائع كما أنزل، والقيام بوظائف العبادات من غير تفريط وإفراط مفوت للحقوق ونحوها وهي في غاية العسر ولذلك
قال عليه الصلاة والسلام «شيبتني هود» .
وَمَنْ تابَ مَعَكَ أي تاب من الشرك والكفر وآمن معك، وهو عطف على المستكن في استقم وإن لم يؤكد بمنفصل لقيام الفاصل مقامه. وَلا تَطْغَوْا ولا تخرجوا عما حد لكم. إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ فهو