هؤُلاءِ مبتدأ. قَوْمُنَا عطف بيان. اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً خبره، وهو إخبار في معنى إنكار.
لَوْلا يَأْتُونَ هلا يأتون. عَلَيْهِمْ على عبادتهم. بِسُلْطانٍ بَيِّنٍ ببرهان ظاهر فإن الدين لا يؤخذ إلا به، وفيه دليل على أن ما لا دليل عليه من الديانات مردود وأن التقليد فيه غير جائز. فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً بنسبة الشريك إليه.
سورة الكهف (18) : آية 16وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَما يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً (16)
وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ خطاب بعضهم لبعض. وَما يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ عطف على الضمير المنصوب، أي وإذ اعتزلتم القوم ومعبوديهم إلا الله، فإنهم كانوا يعبدون الله ويعبدون الأصنام كسائر المشركين. ويجوز أن تكون مَا مصدرية على تقدير وإذ اعتزلتموهم وعبادتهم إلا عبادة الله، وأن تكون نافية على أنه إخبار من الله تعالى عن الفتية بالتوحيد معترض بين إِذِ وجوابه لتحقيق اعتزالهم. فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ يبسط الرزق لكم ويوسع عليكم. مِنْ رَحْمَتِهِ في الدارين. وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً ما ترتفقون به أي تنتفعون، وجزمهم بذلك لنصوع يقينهم وقوة وثوقهم بفضل الله تعالى، وقرأ نافع وابن عامر مِرفَقاً بفتح الميم وكسر الفاء وهو مصدر جاء شاذاً كالمرجع والمحيض فإن قياسه الفتح.
سورة الكهف (18) : آية 17وَتَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَتَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً (17)
وَتَرَى الشَّمْسَ لو رأيتهم، والخطاب لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، أو لكل أحد. إِذا طَلَعَتْ تَتَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ تميل عنه ولا يقع شعاعها عليهم فيؤذيهم، لأن الكهف كان جنوبياً، أو لأن الله تعالى زورها عنهم. وأصله تتزاور فأدغمت التاء في الزاي، وقرأ الكوفيون بحذفها وابن عامر ويعقوب «تزور» كتحمر، وقرئ «تزوار» كتحمار وكلها من الزور بمعنى الميل. ذاتَ الْيَمِينِ جهة اليمين وحقيقتها الجهة ذات اسم اليمين. وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ تقطعهم وتصرم عنهم. ذاتَ الشِّمالِ يعني يمين الكهف وشماله لقوله: وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ أي وهم في متسع من الكهف، يعني في وسطه بحيث ينالهم روح الهواء ولا يؤذيهم كرب الغار ولا حر الشمس، وذلك لأن باب الكهف في مقابلة بنات نعش، وأقرب المشارق والمغارب إلى محاذاته مشرق رأس السرطان ومغربه، والشمس إذا كان مدارها مداره تطلع مائلة عنه مقابلة لجانبه الأيمن وهو الذي يلي المغرب، وتغرب محاذية لجانبه الأيسر فيقع شعاعها على جانبيه، ويحلل عفونته ويعدل هواءه ولا يقع عليهم فيؤذي أجسادهم ويبلي ثيابهم. ذلِكَ مِنْ آياتِ اللَّهِ أي شأنهم وإيواؤهم إلى كهف شأنه كذلك، أو إخبارك قصتهم، أو ازورار الشمس عنهم وقرضها طالعة وغاربة من آيات الله. مَنْ يَهْدِ اللَّهُ بالتوفيق. فَهُوَ الْمُهْتَدِ الذي أصاب الفلاح، والمراد به إما الثناء عليهم أو التنبيه على أن أمثال هذه الآيات كثيرة ولكن المنتفع بها من وفقه الله للتأمل فيها والاستبصار بها. وَمَنْ يُضْلِلْ ومن يخذله. فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً من يليه ويرشده.
سورة الكهف (18) : آية 18وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَذاتَ الشِّمالِ وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً (18)
وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً لانفتاح عيونهم أو لكثرة تقلبهم. وَهُمْ رُقُودٌ نيام. وَنُقَلِّبُهُمْ في رقدتهم.