السلام على ما يرويه القصاص جلدته مائة وستين.
وقيل إن قوماً قصدوا أن يقتلوه فتسوروا المحراب ودخلوا عليه فوجدوا عنده أقواماً فتصنعوا بهذا التحاكم فعلم غرضهم وأراد أن ينتقم منهم، فظن أن ذلك ابتلاء من الله له فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ مما همّ به وَأَنابَ.
سورة ص (38) : الآيات 25 الى 26فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ (25) يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ (26)
فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ أي ما استغفر عنه. وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى لقربة بعد المغفرة. وَحُسْنَ مَآبٍ مرجع في الجنة.
يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ استخلفناك على الملك فيها، أو جعلناك خليفة ممن قبلك من الأنبياء القائمين بالحق. فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ بحكم الله. وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى ما تهوى النفس، وهو يؤيد ما قيل إن ذنبه المبادرة إلى تصديق المدعي وتظليم الآخر قبل مسألته. فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ دلائله التي نصبها على الحق. إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ بسبب نسيانهم وهو ضلالهم عن السبيل، فإن تذكره يقتضي ملازمة الحق ومخالفة الهوى.
سورة ص (38) : الآيات 27 الى 29وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ (27) أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (28) كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ (29)
وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلًا خلقا باطلا لا حكمة فيه، أو ذوي باطل بمعنى مبطلين عابثين كقوله: وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ أو للباطل الذي هو متابعة الهوى، بل للحق الذي هو مقتضى الدليل من التوحيد والتدرع بالشرع كقوله: وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ على وضعه موضع المصدر مثل هنيئاً ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا الإِشارة إلى خلقها باطلاً والظن بمعنى المظنون.
فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ بسبب هذا الظن.
أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ منقطعة والاستفهام فيها لإِنكار التسوية بين الحزبين التي هي من لوازم خلقها باطلاً ليدل على نفيه وكذا التي في قوله: أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ كأنه أنكر التسوية أولاً بين المؤمنين والكافرين ثم بين المتقين من المؤمنين والمجرمين منهم، ويجوز أن يكون تكريراً للإِنكار الأول باعتبار وصفين آخرين يمنعان التسوية من الحكيم الرحيم، والآية تدل على صحة القول بالحشر، فإن التفاضل بينهما إما أن يكون في الدنيا والغالب فيها عكس ما يقتضي الحكمة فيه، أو في غيرها وذلك يستدعي أن يكون لهم حالة أخرى يجازون فيها.
كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ نفاع، وقرئ بالنصب على الحال. لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ ليتفكروا فيها فيعرفوا ما يدبر ظاهرها من التأويلات الصحيحة والمعاني المستنبطة. وقرئ «ليتدبروا» على الأصل و «لتدبروا» أي أنت وعلماء أمتك. وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ وليتعظ به ذوو العقول السليمة، أو ليستحضروا ما هو كالمركوز في عقولهم من فرط تمكنهم من معرفته بما نصب عليه من الدلائل، فإن الكتب الإلهية بيان لما لا يعرف إلا من الشرع، وإرشاد إلى ما يستقل به العقل، ولعل التدبر للمعلوم الأول والتذكر الثاني.
سورة ص (38) : الآيات 30 الى 31وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (30) إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِناتُ الْجِيادُ (31)