الحنيفية أو الاتباع لما أوتيت، وعلى هذا يجوز أن تكون اللام في موضع إلى لإِفادة الصلة والتعليل.
وَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ واستقم على الدعوة كما أمرك الله تعالى. وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ الباطلة. وَقُلْ آمَنْتُ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتابٍ يعني جميع الكتب المنزلة لا كالكفار الذين آمنوا ببعض وكفروا ببعض. وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ في تبليغ الشرائع والحكومات، والأول إشارة إلى كمال القوة النظرية وهذا إشارة إلى كمال القوة العملية. اللَّهُ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ خالق الكل ومتولي أمره. لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ وكل مجازى بعمله. لاَ حُجَّةَ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ لا حجاج بمعنى لا خصومة إذ الحق قد ظهر ولم يبق للمحاجة مجال ولا للخلاف مبدأ سوى العناد. اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنا يوم القيامة. وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ مرجع الكل لفصل القضاء، وليس في الآية ما يدل على متاركة الكفار رأساً حتى تكون منسوخة بآية القتال.
وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ في دينه. مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ من بعد ما استجاب له الناس ودخلوا فيه، أو من بعد ما استجاب الله لرسوله فأظهر دينه بنصره يوم بدر، أو من بعد ما استجاب له أهل الكتاب بأن أقروا بنبوته واستفتحوا به. حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ زائلة باطلة. وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ لمعاندتهم. وَلَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ على كفرهم.
سورة الشورى (42) : الآيات 17 الى 18اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزانَ وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (17) يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِها وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (18)
اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ جنس الكتاب. بِالْحَقِّ ملتبساً بعيداً من الباطل، أو بما يحق إنزاله من العقائد والأحكام. وَالْمِيزانَ والشرع الذي توزن به الحقوق ويسوى بين الناس، أو العدل بأن أنزل الأمر به أو آلة الوزن بأن أوحى بإعدادها. وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ إتيانها فاتبع الكتاب واعمل بالشرع وواظب على العدل قبل أن يفاجئك اليوم الذي توزن فيه أعمالك وتوفى جزاءك، وقيل تذكير القريب لأنه بمعنى ذات قرب، أو لأن الساعة بمعنى البعث.
يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِها استهزاء. وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها خائفون منها مع اغتيابها لتوقع الثواب. وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أي الكائن لا محالة. أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ يجادلون فيها من المرية، أو من مريب الناقة إذا مسحت ضرعها بشدة للحلب لأن كلاً من المتجادلين يستخرج ما عند صاحبه بكلام فيه شدة. لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ عن الحق فإن البعث أشبه الغائبات إلى المحسوسات، فمن لم يهتد لتجويزه فهو أبعد عن الاهتداء إلى ما وراءه.
سورة الشورى (42) : الآيات 19 الى 20اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (19) مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ (20)
اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ بر بهم بصنوف من البر لا تبلغها الأفهام. يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ أي يرزقه كما يشاء فيخص كلاً من عباده بنوع من البر على ما اقتضته حكمته. وَهُوَ الْقَوِيُّ الباهر القدرة. الْعَزِيزُ المنيع الذي لا يغلب.
مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ ثوابها شبهه بالزرع من حيث أنه فائدة تحصل بعمل الدنيا ولذلك قيل:
الدنيا مزرعة الآخرة، والحرث في الأصل إلقاء البذر في الأرض ويقال للزرع الحاصل منه. نَزِدْ لَهُ فِي